‏إظهار الرسائل ذات التسميات العاشرة مساء. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات العاشرة مساء. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 26 فبراير 2010

نوبى ولا مصرى؟


فاطمة خير



فاطمة خير
نوبى ولا مصرى؟

جاءت حلقة «العاشرة مساءً» حول عرض تقرير مصر أمام المجلس الدولى لحقوق الإنسان فى جنيف ورأى بعض منظمات المجتمع المدنية فى ذلك، ملائمة تماماً من حيث التوقيت، الحلقة التى استضافت المحامى «حافظ أبوسعدة» - عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، والكاتب «سمير مرقص»، و«منال الطيبى» - مديرة المركز المصرى لحقوق السكن، دارت أبرز مناقشاتها حول ما يسمى بالقضية النوبية، صحيح أن الموضوع الأساسى كان مناقشة وضع مصر وفقاً للتقرير الذى سيعرض، وشرح أسباب عرض التقرير من الأساس وفقاً للمنظومة الدولية، لكن الأبرز بالطبع وما حصل على مساحة أكبر من الحلقة كان «القضية النوبية»، لكن لأن المتحدث عنها كان «الطيبى» وفقاً للمنصب الذى تشغله فى إدارة مركز حقوقى يتبنى الدفاع عن النوبيين على أجندة حقهم فى السكن فى أراضيهم (مجال نشاط المركز)، جاء النقاش غير متوازن؛ ولو أن دفة الحديث كان مقدراً لها من البداية أن تتجه نحو هذه القضية تحديداً؛ لكان بالأحرى أن يتم استضافة أكثر من متحدث يقدمون نقاشاً ثرياً عن هذه القضية بالغة الحساسية، حتى لا يتحول الأمر إلى تفريغ الحديث عنها من مضمونه، لتصبح «حاجة كده شبه الحديث عن حقوق الأقباط»، التى أصبح مجرد إثارة النقاش حولها جديرا فى حد ذاته بإشعال المعارك الكلامية، دون الدخول فى تفاصيل موضوعية، وحقائق موجودة بالفعل على أرض الواقع.

الأخطر من تجاهل قضية، هو تناولها مراراً بشكل سطحى، حينها يصبح المشاهد مؤهلاً لوضع أحكام مسبقة وتوقع نتائج غير حقيقية للنقاش (مهما بلغت جديته )، وهنا تقع الكارثة. ربما أن المسئولية التى تقع على عاتق صانع لبرنامج توك شو، خاصةً إذا كان يتمتع بشعبية كبيرة، هى أكبر مما يتصور هذا الشخص نفسه، فهو ببساطة «يصنع» الرأى العام، ولا يعكسه فحسب، لكن المؤكد أن صناع هذه البرامج صاروا يمتلكون الآن من ظروف الإنتاج ما يتيح لهم صناعة الفقرات على غير عجل، ما يضع على عاتقهم مسئولية أكبر.

وربما أن حلقة «العاشرة» تحولت دفتها إلى ما صارت عليه، لأن «الطيبى» كانت من الذكاء بحيث حولت دفة الحلقة لصالح القضية التى تتبناها، وربما أن «منى الشاذلى» استطاعت بسرعة بديهتها أن تلتقط الخيط الأكثر إبهاراً فى الحلقة لتمنحها مزيداً من البريق؛ لكن المؤكد أن «العاشرة» هو البرنامج الأكثر تأهيلاً لمناقشة ما أصبح يعرف بـ«القضية النوبية» مراراً وتكراراً؛ لقدرة «الشاذلى» على الإمساك بقوة بمقاليد ما سيجرى لو أنها استضافت آراءً متعارضة حول الموضوع، الذى يستحق نقاشاً مؤهلا للتكرار مراراً، لو أن ثمة إيماناً حقيقياً بأن التحركات على مستوى الساحة النوبية هى بالخطورة التى تستحق إثارة الجدل حولها، بشرط أن يتم استضافة من يستطيعون الحديث بصدق وإيمان حقيقيين، حتى لا تصبح النقاشات حول القضية تدور فى فلك: نوبى ولا مصرى؟



الجمعة، 26 فبراير 2010 - 02:17




الخميس، 6 أغسطس 2009

ما فعله د.مجدى يعقوب.. فى العاشرة

فاطمة خير





فاطمة خير
ما فعله د.مجدى يعقوب.. فى العاشرة


بالتأكيد «النكد» هو الشعور الذى ينتاب أى مشاهد فى نهاية الأسبوع؛ لو أنه متابع يومى لبرامج التوك شو!
فماذا تتوقع لو أنك طالعت آخر الأسبوع إعلاناً عن حلقة لبرنامج يستضيف الطبيب المصرى العالمى د. مجدى يعقوب؟
طبعاً.. ستتوقع حواراً طويلاً يستغرق الحلقة بأكملها؛ لأن الضيف يستحق.
وبالطبع أيضاً.. فإن هذا ما حدث حين استضافت منى الشاذلى, مقدمة «العاشرة مساءً» الطبيب الكبير، لكن الجديد هنا أن إيقاع الحلقة جاء مختلفاً.

تتعمد «الشاذلى» أن تحجز لنفسها مكاناً فى مقعد النجومية؛ بأن تختار شخصية مهمة كل فترة لتجرى معها حواراً، تستعرض فيه قدرتها على المحاورة، والأهم: على اختيار الضيف المهم والنفاذ إليه.

بدأت الحلقة عن «يعقوب» وليس معه، حيث تم عرض تقرير عن حياته فى لندن، ثم آخر فى أسوان عن مركز القلب العالمى الذى أقامه هناك.
«الفخر» هو الشعور الوحيد الذى ينتاب المشاهد المصرى أمام شخصية فى مثل هذه القامة، لكن يوجد ما هو أهم.

يعنى إيه؟
ببساطة.. تتحفنا حلقات «التوك شو» يومياً بكل ما هو سيئ ومؤلم فى مصر، وما يسىء إليها، والمصرى لو أنه يتعرف على وطنه من خلال هذه البرامج، سيصاب حتماً بإحباط، أكبر من ذلك الذى يصيبه أثناء ممارسة حياته اليومية، أما المصرى الذى يعيش فى الخارج، فبالتأكيد سيقرر مع نهاية كل حلقة أنه لن يعود أبداً، وبالنسبة للإخوة العرب، الذين يطالعوننا من خلال هذه البرامج.. فحدث ولا حرج. وفى وسط هذا الزخم من السلبيات، عندما نقدم شخصية كالعبقرى د. مجدى يعقوب؛ فإننا نعيد لأنفسنا بعضاً من كرامة نستحقها، أو بمعنى آخر هو «رد اعتبار» للشخصية المصرية، لا تحبطه أحاديث من نوعية: أنه نجح لأنه عاش خارج مصر، لأنه فى النهاية قرر أن تكون خلاصة علمه ومجده لمصر.. وهذا هو المصرى الذى نسيناه والذى يستحق أن نعرفه وأن نقدمه لأبنائنا وللعالم.

لكن.. لماذا ننتظر حدثا ما، أو مناسبة لنقدم شخصيات مثل هذه؟، ولو أن برنامجاً مثل «العاشرة مساءً»، تفضل مقدمته أن تنفرد بحوارات مع شخصيات مصرية بهذا القدر، فلمَ لا يكون هذا هو منهج يقدمه البرنامج بشكل متعمد، مثلاً.. كما قرر أن يقدم فقرة ثابتة كـ«دور ع الناس»، فتصبح حلقاته فى حد ذاتها وثائق تساهم فى تسجيل تاريخ مصر.. بشكل ما.

ولمَ لا تحذو برامج أخرى هذا الحذو، ليصبح تقديم مصر التى نريد أن يراها العالم، متعمداً ومستهدفاً.. لا وليد اللحظة ولا أفكار فريق البرنامج؟، ولتكون شخصية رائعة كالطبيب العبقرى، قادرة على تحويل إحدى أمسيات «التوك شو» إلى منحة من البهجة والأمل.. والاطمئنان لكل مشاهد مصرى.

الخميس، 6 أغسطس 2009 - 21:30

الخميس، 18 يونيو 2009

الناس.. فى العاشرة

فاطمة خير



فاطمة خير
الناس.. فى العاشرة

الالتفاف حول كآبة برامج التوك شو الليلية معضلة، لكن برنامج «العاشرة مساءً» بادر بتقديم فقرة يحاول بها أن يفعل ذلك، وأن يخلق نقطة تميز.. فيما سبق كان البرنامج يحاول ختام حلقات الأسبوع بفقرة موحية بالأمل كأن تكون فنية، أو تقدم أشخاصا موهوبين فى المجالات العلمية أو الفنية أو غيرها.

المهم.. بدأ البرنامج منذ فترة قليلة تقديم فقرة تحمل اسم «دور ع الناس»، الفقرة تستهدف تلقى ترشيحات الجمهور لنماذج يرونها متميزة فى المجتمع، أو تقدم دلائل على وجود القيم الإيجابية فى حياتنا، الفكرة نفسها توجد فى البرامج الأمريكية الشهيرة وعلى رأسها «أوبرا وينفرى شو»، حيث يتلقى البرنامج من الشخص ترشيحه لآخر يتمنى له تحقيق حلم حياته، أو السماح بظهوره فى البرنامج كنوع من التكريم أو وسيلة لنقل رسالة ما للعالم، حتى إنه فى الدورة التليفزيونية العشرين للبرنامج كان هذا هو الموضوع المشترك طوال الحلقات من خلال ما سمى بـ«أتوبيس الأحلام».

طبعا ذلك يتم بحرفية عالية، تسمح بتقديم نماذج تستحق الثناء حقا، ويظهر فيها جهد كبير لفريق عمل يؤمن بما يقوم به، ويعكس روح الود والإيجابية لدى الأشخاص الذين رشحوا النماذج المكرمة من البداية.

الفقرة الوليدة فى «العاشرة» تحتاج لجهد كبير كى تتبلور، الثلاثاء الماضى، قدمت الكاتبة الكبيرة «حُسن شاه» من خلال هذه الفقرة ثلاث ترشيحات استضافها البرنامج، أولها لزوج (وزوجته) محب وكريم تزوج بمعاقة ويقوم بخدمتها ويواظب على تحسين حالتها بالعلاج المستمر، فى صورة تصعب على التصديق لو أنها فى عمل درامى، والثانية لمعلم كفيف رشحته أخته الكفيفة، والثالثة لأم يعانى ابنها الجامعى من الصمم والثانى من مرض التوحد، حيث ناقشت دون أن تفارقها بشاشتها المشاكل التعليمية للفئتين.

النماذج الثلاثة اختارتهم «شاه» بعناية وقدرة فائقة ترجع لخبرتها الطويلة فى التعامل مع الحالات الإنسانية، وقدم الثلاثة نموذجا إيجابيا لمواطنين مصريين لا يمثلون الفساد ولا قلة الحيلة برغم كثرة الصعوبات، ما يعنى صورة إيجابية للمواطن المصرى على الشاشة، ونشر لقيم إيجابية لدى مشاهدين تطالعهم الصحف والشاشات كل يوم بما هو سلبى.

«منى الشاذلى» مقدمة البرنامج طلبت من المشاهدين، إرسال ترشيحاتهم، لكن الأمر سيحتاج جهدا أكبر من ذلك، أولاً لا بد من التنويه المتكرر عن الفقرة منفصلة على شاشة «دريم» ففى حال تنفيذها بالشكل المطلوب ستكون المصرية الأولى من نوعها، ولا بد من معرفة أن الأمر سيستغرق كثيرا من الوقت، كما أن فرز الحالات لاختيار أفضلها لن يكون سهلاً، والخطر فى أن يتسرب الملل إلى فريق العمل، فيتم تجاهل الفقرة، وحينها سنكون قد خسرنا فقرة مميزة.


الخميس، 18 يونيو 2009 - 21:05


الخميس، 21 أغسطس 2008

حب وثقة للبيع.. من يشترى؟

فاطمة خير




فاطمة خير
حب وثقة للبيع.. من يشترى؟


"عايشين إزاى؟.. وإزاى هنعيش؟".. قالتها الشاعرة "إيمان بكرى" ضمن أبيات كثيرة سردتها فى برنامج "العاشرة مساءً"، اللقاء الذى سبق ليلة الحريق الشهيرة، لم يكن ليتنبأ بأن الليلة التالية ستكون مأساوية لهذه الدرجة، وبأن الحلقة ستكون عن حادث مؤلم سيحتل الليلة بكاملها. القصائد المتعددة التى تلتها "بكرى" كان فيها ما يضحك.. وفيها ما يبكى، وقدمت أوصافاً صادقة لأحوال الناس فى مصر، فقرة استثنائية، أو بكائية على حال الوطن والمصريين.

الفقرة.. تذكرك بأن من حقك أحياناً أن تمارس حزنك، وأن تعلنه دون مواربة، لكن ما الذى يجعلنا نحزن؟ أشياء كثيرة بالطبع، وربما منها ما هو بسيط للغاية، لكنه يدفعك لأن تتألم. يكتسب الإعلامى مصداقيته، من إيمان الناس به، وهم حين يحبونه، يكونون قد أبرموا معه عقداً غير مكتوب، بموجبه يمنحونه الحب، ومقابل ذلك يدين لهم بالصدق، والناس حين تحب وجه إعلامى حباً حقيقياً، تكون قد وهبته مجداً بلا حدود، قد يجعله هذا يصاب بالغرور، وقد يخضعه لإغراءات كبيرة، ففى هذه الحالة يكون محل ترحيب من المعلنين كونه أصبح نجماً، وحين يعرض عليه تقديم إعلان، فإن الأجر الذى يدفعه له المعلن، هو فى الحقيقة ثمن ثقة الناس فيه.

د."هبة قطب" اكتسبت شعبية كبيرة، من تقديمها لبرنامج سابق على شاشة قناة "المحور"، محوره الأساسى هو الثقافة الجنسية، وبقدر ما هوجم البرنامج، بقدر ما حصل على مشاهدين، وحققت من خلاله "قطب" نجومية إعلامية، كانت السبب وراء انتقالها إلى شاشة "الحياة" ببرنامج قدمها فى صورة أفضل. ولأن الجمهور أحب "قطب"، كان عليها أن تكون أكثر حذراً، وهى تتخذ خطوتها الجريئة بتقديم إعلان عن مدينة سكنية فاخرة، تدعو الناس للسكن فيها، وتنصحهم فى نهاية الإعلان، بأن هكذا الحياة كما يجب أن نعيشها!
اعتاد الناس أن تقدم لهم د."هبة" نصائح حياتية، النصائح مجانية للمشاهدين، وهى تأخذ أجرها عن عملها كطبيبة ومقدمة برنامج، لكن أن تنصحهم بمقابل مادى بحت، كيف سيصدقونها؟ بالطبع يعنى الإعلان مكسبا ماليا بالنسبة لها، لكن ماذا ستخسر مقابله؟ فالصدق الذى يقطر من صوتها وهى تقدم نصيحتها بأن الحياة يجب أن تعاش فى هذه المدينة السكنية، إما أن يجعل المشاهد يصدقها فيبادر بالحجز فوراً ـ هذا إن كان فى مقدورته المادية ـ أو أن يودع ثقته فيها إلى الأبد.

المحبة الكبيرة التى حصلت عليها د."هبة" من جمهورها كانت تحتم عليها، أن تفكر كثيراً قبل تقديم الإعلان، فليس كل شىء يستحق البيع، حتى وإن كان قابلاً لذلك.

الخميس، 21 أغسطس 2008 - 00:27

الأربعاء، 30 يوليو 2008

أرواح العبَارة تائهة على الشاشة..

فاطمة خير





فاطمة خير
أرواح العبَارة تائهة على الشاشة..


حدثان جللان اقتسما الشاشة ليلتها: رحيل المبدع "يوسف شاهين"، والحكم بالبراءة للمتهمين فى قضية "عبارة السلام". كانت السهرة دسمةً بالألم.. المصرى.

احتفت O t.v مطولاً برحيل المخرج الكبير، لتستكمل احتفاءها به والذى بدأته منذ عدة شهور بعد وقوعه فريسةً للمرض، بعرض سلسلة وثائقية من 12 حلقة تحمل اسم "رحلة شاهين". وكان طبيعياً أن يكون حكم البراءة فى قضية "عبارة السلام " هو بطل السهرة، على "90 دقيقة " فى "المحور"، وكذلك فى "العاشرة مساءً" على "دريم".

لم تكن حلقة "العاشرة مساءً" ليلتها مؤثرة وحسب، كانت وثائقيةً أيضاً، "محمد حمودة" محامى صاحب العبارة، تحدث كثيراً، صال وجال، قال كل ما تتمناه نفسه، على خلفية تطمينات حكم البراءة، لم يتحدث "منتصر الزيات " أكثر منه، ولم تتدخل "منى الشاذلى" كثيراً فى الحوار، اكتفت بفض التداخل بين الضيفين إذا وقع، وبمحاولة الاستيضاح من المحامى، وإن لم تخف ـ متعمدة أو دون قصد ـ تعبيرات الاستياء وعدم التعاطف على وجهها، وهو ما لم تستطع الحفاظ عليه فى الليلة التالية، حيث استمر البرنامج فى مناقشة أصداء حكم البراءة.

كانت الحلقة توثيقية أكثر، استضافت "محمد عبد الحليم عيد" المصرى الذى فقد زوجته وأبناءه فى الحادث، و"علاء عبد المنعم" النائب المستقل فى مجلس الشعب، و"حمدى الطحان" رئيس لجنة تقصى الحقائق البرلمانية فى القضية، وبالطبع المحامى نفسه. لم تتمالك "منى" نفسها، وهى المحايدة قدر المستطاع، فلتت منها قدرتها على التحكم فى أعصابها، وطلبت الخروج إلى فاصل أكثر من مرة، لمحاولة السيطرة على النقاش المحتد، الذى كان من الصعب للغاية السيطرة عليه، خاصةً مع إصرار المحامى، على التحكم فى دفة الحوار، فى الوقت الذى هاجمه فيه بشدة الضيوف الثلاثة الباقون، هذا غير المكالمات التليفونية، والرسائل الإليكترونية، وكان أكبرها تأثيراً مكالمة المحامى "عصام سلطان".

ارتدت "الشاذلى" السواد ليلتين متتاليتين، سمحت لنفسها أن تكون طرفاً، فألمها لم يكن أقل من ألم باقى المصريين، حتى وهى تختتم حلقتها مطالبةً بمحاسبة كل من تسبب تقصيره فى متابعة مسئوليته فى غرق الضحايا. "الناس متنكدة" هكذا استطاعت ببساطة تلخيص شعور المشاهدين، وهى تحاول جاهدة أن تسيطر على حلقة استثنائية بكل المقاييس، حيث توثق لقضية "لا يعرف فيها القاتل من قاتله".

ليلة النطق بالحكم، اقتنصت قناة "الساعة" الفرصة، لتعرض "مقتطفات " من الفيلم التسجيلى "أرواح تائهة"، سيناريو وإخراج مذيعة قناة النيل للأخبار "ريهام إبراهيم"، ومن إنتاج القناة نفسها، والحائز على جوائز، ويدور حول كارثة "العبارة"، "المقتطفات" كانت أكثر من ذلك، فقد تم عرض أغلب الفيلم تقريباً، كان ذلك أقوى من أى كلام، الفيلم قال كل شىء : اللقاءات مع ثلاثة من الناجين، والمؤثرات الصوتية، الأغنية المهداة من "محمد منير"، كلمات "صلاح جاهين" وألحان" وجيه عزيز"، توزيع " رومان بونكا"، والموسيقى التصويرية المهداة من "نصير شمة"، وتوقيت العرض الليلى، كل ذلك منح جواً من الرهبة.. والألم.

توظيف المخرجة للـ"سيمى دراما"، واستخدامها للتسجيل الصوتى فى الصندوق الأسود أضاف بعداً حقيقياً إلى الشاشة، ونقل الخوف والبرودة إلى المشاهد فى منزله. الفيلم الذى وثق ألمنا سيعيش كثيراً، أطول حتى من ذكرى الكارثة.. التى ستمر كغيرها، ستتقاذفه المحطات، وسيتذكره واضعو خطط البرامج كلما حلت الذكرى، سيوثق ألمنا ويمنحه الخلود.

أرواح الضحايا.. لا تزال تائهة، لن تعرف الراحة قريباً، هذا إن عرفتها، لن ينساها من شاهد "العاشرة" أو "الساعة"، الأرواح التى تبحث عن خلاصها بالحق المهضوم، ستطل علينا كثيراً من خلال الشاشة، ستؤنبنا إلى أن نمنحها الراحة.

الأربعاء، 30 يوليو 2008 - 00:00

الخميس، 19 يونيو 2008

بشائر التغيير.. تليفزيونية




فاطمة خير
بشائر التغيير.. تليفزيونية



"يقول المعلم: هناك إلهان.. الإله الذى يسحقنا تحت خطايانا.. وذلك الذى يحررنا بحبه"
(باولو كويلهو ـ مكتوب )

نعرف الله كما نريد أن نراه؛ وهكذا “الإعلام". من طبيعة الأشياء أن يمتلك الإعلام سلطة تتيح له أن يجعلنا نرى بأعينه! ما يعنى أن معرفتنا بما يحدث حولنا، هى فى الحقيقة معرفة مرهونة، بما يريد صناع الإعلام تصديره إلينا: دنيا رائعة، أو عالم قبيح.

لا يختلف اثنان على قبح عالمنا، ولا على تفاقم مشكلات مجتمعنا؛ وبالطبع إذا نقل الإعلام هذه الصورة، فلن يكون كاذباً أبداً، على العكس سيكون موضوعياً إلى أقصى درجة، لكن أليس للإعلام دورٌ آخر.. تحتمه الموضوعية أيضاً ؟ هذا الدور ببساطة.. هو نقل "الأشياء الحلوة "، فهذه هى الموضوعية أيضاً، والأهم.. أن هذا يزرع الأمل فى المشاهدين، ولا تصبح المتابعة التليفزيونية بالنسبة إليهم، كابوساً ثقيلاً؛ بل ربما "فسحة" أمل ينتظرونها كى تمنحهم القدرة على الاستمرار فى الحياة، طالما أن فيها ما يستحق.

إذا فعل الإعلامى هذا، قد القبح، اتهامات الانحياز ـ فى أفضل الأحوال ـ وهى ضريبة يختار البعض أن يدفعها، ويتجنبها البعض. أما العقبة الأهم أمام اهتمام الإعلام بالإيجابيات، فهى أن يراها صناع الإعلام من الأساس! فإذا اعتادت العين أن ترى القبح، يصبح من الصعب عليها أن ترى ما هو جميل، و"اصطياد" الجمال مهمة صعبة.. لا تقدر عليها كل عين، ولا يستطيع كل إعلامى القيام بها.

ولحسن الحظ أن المساحة الإعلامية الكبيرة المتاحة حالياً، وحالة المنافسة الشديدة المقترنة بالتوالد المستمر للمحطات، جعلت من المتاح ـ من حيث الكم والمضمون ـ تقديم إيجابيات، تولد فى مجتمعنا دون أن نراها، أولاً: لأنها لم تكن مرحباً بها على قائمة أولويات التناول التليفزيونى. وثانياً: لأن "قناعة" التشبث بالحياة موجودة بالفعل لدى جيل جديد، يتولى الآن زمام العمل التليفزيونى، ويفرض اختياراته.

هذه القاعدة هى ثابتة من حيث المبدأ على شاشة OTV، ويمكن تمييزها بسهولة شديدة، خاصةً فى برامج مثل "عيون O"، الذى يقدم تفاصيل صغيرة فى الحياة اليومية المصرية، لا يسمع عنها سوى القليل، وكلها تمثل شرارات أمل على أصعدة عدة، وكذلك برنامج "ف الكادر"، الذى يقدم أسبوعياً نجماً جديداً يولد فى عالم الإخراج والسيناريو السينمائى، لولا هذه الفرصة ما علم به أحد، فالبرنامج لا يعرض الفيلم المستقل القصير، وحسب، بل يعطى صانعه الفرصة ليتحدث عن نفسه وعمله، ثم لمتخصص ليقيم التجربة ويمنحها ما تستحق من الاهتمام.

أما "العاشرة مساءً"، فأصبح لا يمر أسبوع تقريباً، دون أن تستضيف مقدمته "منى الشاذلى" نموذجاً مبشراً بالأمل، سواء على مستوى الفن، أو الكتابة، أو البحث العلمى، ويبدو أن هذا أصبح تقليداً راسخاً فى البرنامج، تختتم به الأسبوع فى أغلب الأحوال، كى تترك المشاهدين فى عطلة نهاية الأسبوع، دون غصة ألم تعكر صفو إجازاتهم. الإعلام المصرى الشاب والمستقل، الذى يولد حديثاً، بدأ يقدم لنا عالماً مختلفاً، لا نراه فى بلادنا لانشغالاتنا اليومية، وإن دل ذلك على شىء، فهو أن مصر تولد من جديد، ونحن.. نولد معها.


الخميس، 19 يونيو 2008 - 00:06

الاثنين، 2 يونيو 2008

سمعة مصر بألف وجه تليفزيونى

فاطمة خير


فاطمة خير
سمعة مصر بألف وجه تليفزيونى




يتمنى كثير من العاملين فى حقل الإعلام التليفزيونى ، لو أنهم يمتلكون ذلك القدر من الحرية ،الذى يبدو كأنه ملك لأمثالهم من أبطال مسلسل "المحطة"! المسلسل ـ الذى يذاع حصرياً فى الثامنة مساءً على قناة "الحياة" ـ وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معه، وعن نقاط ضعفه وقوته، هو الأول من نوعه الذى يدور بالكامل فى كواليس العمل البرامجى . يظهر المسلسل المعاناة الشديدة للعاملين فيه، والتحديات اليومية التى تواجههم، وربما أن هذه هى أهم نقاط قوته ، ففنياً يليق به أكثر، توصيف الـ sitcom منه إلى المسلسل التقليدى .

يظهر المسلسل مثالية كل أفراد فريق العاملين فى المحطة ـ تقريباً ـ وعلى رأسهم مديرتها، يبحثون عن الخبر بحيادية و موضوعية ـ لا توجد فى الواقع بهذا الشكل أبداً ـ ما يعرضهم لمضايقات مستمرة وبلطجة وأزمات مالية .
لكن .. ما لم يتعرض له العاملون فى "المحطة " حتى الآن، هو اتهامهم بالإساءة لسمعة مصر .

تغطية الواقع دون الوقوع فى فخ الإساءة، هو تحدى حقيقى، تجنب الوقوع فيه ليس بالشىء السهل. والأمر نفسه أيضاً يتعلق بنقل الواقع من جوانبه الإيجابية ـ وإن كانت قليلة ـ فقد يتعرض الإعلامى للاتهام بالمجاملة إن هو نقل صورة جيدة عن الواقع، فأحياناً لا يصدق البعض أن فى مصر أشياءٌ حلوة، أو أن هناك من يقدمها هكذا لوجه الله . وحتى إن لم يكن تقديمها خالصاً لوجه الله تماماً ، فإن بيان الإيجابيات فى بلدنا ليس عاراً على الإطلاق، بل هو فرض عين .. إن صح التعبير .

وبرغم مبالغة الأداء الواضحة فى "المحطة" إلا أنه يمكن ارجاعها إلى مشكلات فى الكتابة، لكن إلى ماذا يمكن إرجاع ضعف السيناريو فى برامج حوارية تنقل من الواقع مباشرةً ؟
فقرة واحدة تم تقديمها مرتين فى شهر واحد، على برنامجين مختلفين، تخص طفلة فى الثامنة من عمرها، تم اغتصابها على يد خالها .

الجريمة البشعة قدمها برنامج "90دقيقة" من خلال فقرة يومية، لا أعرف الهدف منها تحديداً، كونها تناقش مشكلات وقضايا مصرية شديدة الخصوصية، ورغم أيضاً أن كل البرامج الحوارية تناقش قضايا مصرية ملحة، إلا أنه فرق كبير بين هذا، وبين "نشر الغسيل القذر"، فإذا كانت الحالة التى يتم عرضها لا ترقى إلى مستوى الظاهرة، فما الحكمة من تقديمها فى برنامج حوارى مسائى يذاع على فضائية يشاهدها العالم ؟ فمن ناحية لا يوجد أى مبرر لعرضها باعتبارها حدثاً يستحق، ومن ناحية أخرى فإن التناول لم يرق إلى مستوى الواقعة نفسها، فقد تم استعراض الحادثة البشعة وحسب.

التناول الأفضل كان من خلال برنامج "مساءك سكر زيادة "، حيث تم استضافة طبيب نفسى، وناشطة فى جمعية نسوية، وتم مناقشة الحالة ليس على اعتبارها ظاهرة، وإنما كحادث فردى ينضوى تحت إطار العنف فى المجتمع المصرى وضمنه التحرش الجنسى، والدليل على أن التناول الأخير كان الأفضل، هو نوعية رسائل الـ sms التى أرسلها المشاهدون ،الذين تفاعلوا مع الواقعة واتجاه سير المناقشة، ورغم أن الناشطة الحقوقية النسوية التى تمت استضافتها، عارضت اقتراح إعدام المغتصب الذى أرسله أحد المشاهدين، إلا أن هذا النقاش كان الأقرب لما تستحقه القضية.

د. "محمد يحيى الرخاوى" والذى كان ضيف الحلقة أثار النقطة الأهم، حيث اعتبر أن تصوير الطفلة تليفزيونياً فى حد ذاته يمثل إيذاءً لها، وهذا هو بيت القصيد. ما مقدار الاستفادة إذا قارناه بقدر الخسارة، عند تصوير الطفلة وتخليد ألمها ؟ الأمر لا ينطبق على هذه الحالة وحسب، فما الفائدة التى ستعود على المشاهد، أو أصحاب المشكلة، فى حالة أخرى عرضها " 90 دقيقة " لأب ينفى نسب ابنه الشاب نكايةً فى الابن والأم ؟ يستضيف البرنامج الجميع، ليكيلوا الاتهامات الجارحة : الأم والأب والابن وشقيقة الأب، ما يستنتجه أى عاقل بسهولة، هو أن الأب مختل نفسياً، أما ما سيتوصل إليه أى مشاهد عربى، هو أن مستوى أخلاق المصريين فى انحدار بلا رجعة ! أما المشاهد المصرى العادى فسيتم "حرق دمه" بحكاية لا تمثل أى دلالة على الاطلاق سوى كونها استهلكت مساحة لا بأس بها من سهرته .. فـ"حرقت دمه" وأوصلته إلى لا شىء!

وبالعودة إلى حادثة اغتصاب الطفلة من خالها، فإن الشكل الذى كان لا بد أن تعرض به، هو ملابسات الحادث أكثر من الحادث نفسه، فالخال المعتدى كان قد خرج من السجن قبلها بعدة أيام لا أكثر، وفى قضية اغتصاب أيضاً.

الأسئلة التى كان لا بد أن تطرحها فقرة مثل هذه ـ وبعيداً عن التعاطف والتأثر ـ هى كالتالى : لماذا حصل الجانى على سبع سنوات فقط ؟ لماذا لم يخضع للتأهيل داخل السجن لمعرفة مدى تراجع قدرته على ارتكاب الجريمة مرى أخرى ؟ لماذا لم يخضع للمراقبة ؟ وإذا كان المجتمع المصرى يعانى من زيادة نسبة جرائم الاغتصاب .. لماذا لا يتم توقيع أقصى العقوبة ؟ ولو كانت المجنى عليها فى مثل هذه الجريمة مؤهلة للحمل .. فما الحل فى نسب طفلها ؟ أسئلة كثيرة كانت تليق بالفقرة لم يتم طرحها، تم الاكتفاء بالسبق المتمثل فى عرض الجريمة ذاتها وإقناع الضحايا بالتصوير، ربما تحت إغراء المادة، أو الضغط النفسى، أو منح الأمل فى الحصول على المساعدة. لكن المؤكد أيضاً أن الضحايا (الفتاة وأسرتها) سيتألمون كثيراً كلما ابتعد الوقت ليكتشفوا أن الواقعة المؤلمة مخلدة على الشاشة .

لا يمكن اتهام فقرات مثل هذه بالإساءة لسمعة مصر، لكن شاشة التليفزيون تستحق حذراً أكثر فى التعامل معها، لأنها تعكس صورة البلد ليس بشكل مباشر وحسب ، وإنما بشكل غير مباشر أيضاً، مثلاً .. إذا شاهدنا أى تقرير يصور فى الشارع المصرى، وابتعدنا قليلاً عن موضوعه الرئيسى، ونظرنا إلى الخلفية " الشارع نفسه"، سنعرف على الفور كيف هو شكله : ملابس الناس، شكل وجوههم، الازدحام ... إلخ وهى أشياء لا يمكن تزييفها.

لكن هناك أشياء تتعلق بسمعة مصر لا يمكن التحكم فيها على الشاشة، لأنها تخرج عن إطار قدرة فريق البرنامج على التحكم، ومنها أداء الضيف . فى حلقة تم تخصيصها لمناقشة مشروع قانون الطفل، استضاف برنامج "العاشرة مساءً" عدداً من الضيوف كان منهم الصحفى وعضو مجلس الشعب "مصطفى بكرى" باعتباره معارضاً للقانون ، للأسف لم يكن أداؤه كمعارض على مستوى قوة حجج المؤيدين، فبدا وكأنه يعارض وحسب، هذا الأداء الصادم الذى إن عكس، فإنه يعكس ضعف الحوار على مستوى "النخبة" المصرية، لم يمنع برنامج "الحياة اليوم" من استضافة "بكرى" بعدها بأسبوع للحديث حول الموضوع نفسه، فلم تكن الفقرة سوى "معركة " كلامية بينه والضيف المؤيد للقانون، لم يكن سلاح " بكرى " فيها قوة الحجة ـ مرة أخرى ـ وإنما الأداء الانفعالى الذى لا يناسب برنامج تليفزيونى، كانت الفقرة مزعجة للغاية، ومن سبق وشاهد حلقة "العاشرة مساءً" كان لا بد سيتوقع كل كلمة سيقولها "بكرى"، فما الدافع وراء استضافته من الأساس خاصةً بالأداء الذى بدا به عند مناقشة القانون بعيداً عن الموضوعية ؟ وما هو التميز الذى يعنيه استضافة ضيف سبق استضافته للحديث عن الموضوع نفسه فى برنامج آخر ؟ . بالتأكيد .. ليس وحده المعارض للقانون، المبرر الوحيد هو "الاستسهال" ..ليس إلا.
أما "ما زاد الطين بلة " فهو تدخل مذيعة البرنامج "دينا سالم " فى الحوار حين رفضت رفع سن زواج الفتاة إلى 18 عاماً ، معللةً ذلك بخوفها من انتشار العلاقات غير الشرعية! لم تعرف "دينا" أن المذيع عليه "أن يقل خيراً أو ليصمت" .. بدا حينها "ماجد ماهر" ـ الناشط الحقوقى فى مجال الطفل و الضيف المؤيد للقانون ـ وكأنه فى معركة ضد "بكرى" والمذيعة .. لكن الخاسر لم يكن هو ، وإنما مشاهد افتقد الموضوعية والاحتراف.

الإثنين، 2 يونيو 2008 - 00:11

الخميس، 22 مايو 2008

كثير من المتابعات.. قليل من الحيوية

فاطمة خير


فاطمة خير
كثير من المتابعات.. قليل من الحيوية



" لا تشاهدى قناة العربية .. وحسب " هكذا قالت صحفية لبنانية مقيمة فى بيروت، حين الاتصال للاطلاع على الأوضاع هناك، وهكذا دون أن تدرى، لخصت التوصيف المناسب لما كان يوم الخميس الشهير وقت أن اندلعت الأحداث فى لبنان، ليس التوصيف الخاص بالأحداث ـ بالطبع ـ وإنما ذلك المتعلق بالتغطية الإعلامية لما حدث.

مرة أخرى ولن تكون الأخيرة، يبتعد الإعلام العربى مسافةً ـ ليست بالقليلة ـ عن الحياد، ومرة جديدة، يجد المشاهد العربى ـ الراغب فى معرفة حقيقة ما يحدث، يجد نفسه مضطراً للبحث عن تلك الحقيقة على شاشات غير عربية. مساء الخميس كان الطبيعى أن تكون الأخبار المتداولة أكثر تشتتاً عنها فى اليوم التالى، حيث المفترض التغطية الشاملة المدركة للحدث، لكنها ـ للأسف ـ أيضاً كانت شبه ملفقة، الرقابة باتت واضحة فيها، كلٌ ينقل ما يريد أن يراه الآخرون، وليس ما يحدث بالفعل، لم يكذبوا، لكنهم أيضاً لم يكونوا أمناء فى نقل الحدث، فقط قاموا بعمل "مونتاج" للأحداث.

مشاهد "العربية"، بالتأكيد كان متلقياً لشىء مختلف عن مشاهد "الجزيرة " وعن مشاهد "تليفزيون الجديد"، أما " المستقبل " فكانت خارج نطاق الخدمة، ولم يكن الحال ليكون بالأفضل لو أنها كانت تعمل، " النيل للأخبار " كالعادة كانت تحلل، وبعد جولة يتوجس فيها المشاهد نوعاً من الخداع، قد يجد أن الأفضل هو التوقف عند الـ bbc بحثاً عن بعض الاستقلالية. حصل المشاهد على "درس خصوصى" فى تعدد المسميات التى تمنحها المحطات الإعلامية للحدث .. وخسر ثقة كان يحلم بها ترشده إلى الحقيقة. .. وكأن كل ما يحاول الإعلام العربى أن يبنيه، بتأسيسه للقناة تلو الأخرى، يذهب أدراج الرياح حين الحدث الحقيقى، كلٌ ينصاع طائعاً لمموليه، ويرتبك المشاهد حين يحاول أن يعرف فى كل مرة أيهم يصدق، ثم يصيبه الإحساس بالدونية الإعلامية إذ يكتشف أن الحقيقة قد توجد عند الغرباء، فيسلم بذلك، ويصبح من جديد ملكاً لشاشة غير عربية .. تفعل به هى الأخرى ما تشاء.

بناء الثقة فى شاشة، ليس بالأمر السهل، مشوار طويل قطعت منه الشاشات العربية الناشئة، طريقاً ليس بالقصير، لكن تظل تنقصه الرغبة الصادقة فى منح الحدث ما يستحقه من احترام، برغم مثالية فكرة الحياد المطلق والموضوعية، إلا أن سقوط الشاشات العربية فى اختبارات الأحداث الكبيرة، يجعلها تتراجع كثيراً لتخسر أشواطاً ـ قد قطعتها بالفعل ـ إلى عقل المشاهد.
هذا عن ولاء الشاشة لحق المشاهد فى المعرفة .. أما ولاء المذيع فهو لصورته، لكن ذلك يتوقف على ذكائه .. فمن الطبيعى أن تمنح كل محطة العاملين فيها، روحاً تخصها، تنعكس على أدائهم، وقد يتأثر بها المذيعون فينقلونها معهم أينما ذهبوا، ولا ينفى ذلك رغبتهم فى التميز، طمعاً فى طرح أسمائهم على قوائم المرغوبين من المحطات المتوالدة تباعاً، فيبرز كلٌ منهم أفضل ما عنده موظفاً شاشة القناة فى تقديمه بالصورة الأفضل، وهنا تبرز قيمة أن يمتلك المذيع "كاريزما " خاصة به .

"الحياة اليوم" البرنامج الوليد، يحظى بطاقة إعداد كبيرة، تتضح بقوة من خلال كم الأخبار والتقارير على شاشاته كل يوم، وإذا استمر البرنامج على المنوال نفسه، سيكسب بالتأكيد أرضية كبيرة، حيث يقدم الجرعة الخبرية الأكبر وسط برامج الحوار المسائية، كما أنه يتبعها باتصالات هاتفية مع أشخاص متعلقين بالخبر، مما يمنح أخباره ثقلاً، وغيرها من المميزات، كمناقشة أكثر من موضوع فى الحلقة، كما يتم التنويه عن موضوعات البرنامج على لسان مذيعيه، فى الساعة السابقة على إذاعته، أى وقت بث المسلسل العربى، مما يمثل إعلاناً جيداً عنه مجهود كبير، لكنه لن ينعكس إلا من خلال مذيعى البرنامج، والبرنامج يحظى بأربعة مذيعين شباب، على قدر كبير من الطموح، والأداء الجيد، لكن تبقى .. الكاريزما !

"الكاريزما" .. هى ما يفتقده البرنامج، وهو شىء لن يكتسبه بالوقت، فالكاريزما منحة إلهية، وربما لا يمتلك المذيع كاريزما إدارة برنامج حوارى، أو تقديم برنامج جماهيرى، لكنه يمتلك القدرة على تقديم نوعيات أخرى، أما فى "الحياة اليوم "، فإن جدية "دينا سالم" تناسب كونها مقدمة نشرة إخبارية، أو برنامج اقتصادى، لكن نبرة صوتها، وجمود تعبيرات وجهها، لا تناسب بالتأكيد برنامج تعتبر " الحميمية " مفردة مهمة ضمن أدوات تواصله مع مشاهد مفترض أن يتم تحريضه على المتابعة اليومية، فالبرنامج ليس إخبارياً وحسب، هو ليس وحده مصدر الحصول على الخبر، البرنامج هو جرعة خبرية يتم تناولها بالنقاش من خلال أشخاص يحبهم المشاهد، و المشكلة نفسها موجودة لدى "شريف عامر" الذى يبدو أنه تأثر كثيراً بفترة عمله فى قناة "الحرة" فغادرها إلى "الحياة" وهو لا يزال متمسكاً بأسلوب عمل مذيعيها الذى ينتهج التعبيرات الباردة. والمفارقة أن " الكاريزما " المفتقدة لدى مقدمى البرنامج الرئيسيين، توجد لدى مذيعة أخرى فى البرنامج، وهى "لبنى عسل"، برغم صغر سنها، إلا أنها تمتلك حضوراً يمكن أن يمنح البرنامج حيويةً يفتقدها، لو أنه قد تم توظيفها ـ دينا ـ بشكل أفضل .

مشكلة الـ "الكريزما" قد ترتبط أحياناً مع عناصر أخرى، كسن المذيع، يبدو ذلك من خلال برنامج "صباح الخير يا مصر" فبعض مذيعيه قد تجاوزوا السن الذى يناسب البرنامج، خاصةً مع عدم تميزهم بميزات خاصة تبرر استمرارهم فى تقديمه . من أذكى المذيعين فيما يخص الحضور لدى المشاهد، هى "منى الشاذلى"، التى قررت بعد تحقيق سقف النجومية المتاح على شاشات راديو وتليفزيون العرب Art، أن تثرى مشوارها المهنى بالنجومية لدى المشاهد المصرى، فكانت أن اختارت محطة "دريم" التى ورغم عدم تميزها على المستوى المهنى إلا أنها اكتسبت شعبية لدى الشارع المصرى لأسباب عدة، أهمها أنها كانت أولى المحطات المصرية الخاصة. وظفت "الشاذلى " محطة "دريم" لتكتسب شعبية مصرية افتقدتها على الـ Art، واستطاعت أن تجعل نجومية البرنامج تعتمد عليها، فالبرنامج هو "منى الشاذلى"، ثم وبعد سنوات حصل فيها "العاشرة مساءً" على أقصى ما يمكن أن يحصل عليه من شعبية، وفقاً لإمكانيات المحطة التى تنتجه.

اتجهت "منى " فى الفترة الأخيرة للتركيز على استضافة الشخصيات الأكثر شهرة، لتضمن بذلك مكاناً فى سباق التميز، ولأنها تريد أن تفعل كل ما بوسعه أن يزيد من نجوميتها، كانت الحلقة الأكثر بريقاً بإجرائها لقاءً مع الرئيس الأمريكى "جورج بوش"، عشرة دقائق فقط، استثمرتهم "الشاذلى" قدر المستطاع، ذكرت فى بداية الحلقة أن الرحلة تم تمويلها من المحطة، لتنفى ما أثير حول تمويلها من الجانب الأمريكى، ثم استضافت السفير المصرى فى واشنطن "نبيل فهمى" لتكمل حلقتها، التى حصلت على كم هائل من الإعلانات من المؤكد أنه غطى تكلفة الرحلة وزيادة . وبرغم كل ما أثير عن الأهداف الخفية وراء الحلقة، إلا أن المؤكد بأن ما قصدته "الشاذلى" من ورائها هو الحد الأقصى من النجومية والشهرة والبريق، لا شىء سوى ذلك، فاللقاء لم يقدم أى جديد، لكنه فى حد ذاته يمثل تميزاً إعلامياً بالنسبة لها، فقد تم إجراؤه لصالح قناة منوعات بالأساس .

كاريزما "منى" وذكاؤها، هو ما يمنحها حضوراً ومكانة لدى المشاهد المصرى، وهو ما تأكد فى الحلقة التى غابت عنها لسفرها إلى واشنطن وقدمها د."خالد منتصر" .. وتبقى الكاريزما هى كلمة السر، والحقيقة أيضاً .


الخميس، 22 مايو 2008 - 00:30


الخميس، 8 مايو 2008

منافسة تليفزيونية أقسى من حر الصيف

فاطمة خير





فاطمة خير
منافسة تليفزيونية أقسى من حر الصيف




دقت ساعة المنافسة، لن يكون "الحياة اليوم" الأخير، فقريباً جداً سيبث "ساعة بساعة" ، سيصبح عدد البرامج المرشحة للمشاهدة فى مساء كل يوم سبعة برامج .. حتى إشعار آخر"مساءك سكر زيادة"، "الحياة اليوم"، "90 دقيقة"، "ساعة بساعة"، "البيت بيتك"، "العاشرة مساءً"، و"القاهرة اليوم" (هذا إذا لم نضف إليها "حديث البلد" على قناة "مودرن" لضعف مستواه، وإن كان البرنامج من النوعية نفسها " خبرى ـ حوارى ـ يومى" ) .
سيضطر المشاهد ـ مرغماً ـ على القيام بالاختيار ، فما من أحد قادر على متابعة كل هذا الكم ،سيفرض قانون المنافسة سطوته ، ويكون فعل "الاختيار".
ستتربى لدى المشاهد القدرة على التمييز ما بين الجيد والسىء، لن يصبح متلقياً وحسب؛ سيكون هو القاضى والحكم، ستكتسب عينه المهارة التى لا تتولد إلا برؤية الأفضل.. وسيكون الرهان على جذب الاهتمام؛ بعنصر الجودة وحده، ولن يكون هناك بقاءٌ للأضعف .
"الحياة " دخلت السباق بقوة، فاصل "محمد هنيدى" ملفت للنظر إلى أقصى درجة، فهو يدفعك للتساؤل هل هو فيلم "هنيدى" الجديد ؟ هل هو إعلان؟ هل هو making ؟ هل تنويه عن برنامج سيستضيفه؟ حيرة وارتباك ..و المحصلة : قدرة على لفت الانتباه ، حيث تكتشف أنه " فاصل " يمتد لعدة دقائق ، مشهد تمثيلى كامل نجم من الصف الأول ، طاقم كامل من الممثلين ، ديكور فرعونى، ملابس، ماكياج، وفكرة حلوة، ما يعنى أيضاً إنفاقاً سخياً.
وهذا هو المستوى الذى ينبغى أن تكون عليه الفواصل التليفزيونية، كانت السباقة فى هذا الإطار"Otv"، وتلتها "الحياة" .
المنهج نفسه الذى يعتمد على الصورة عالية الجودة، والفكرة المختلفة وشديدة الخصوصية فى آن، كل ذلك يصب فى صالح صناعة شاشة مصرية ملفتة ومحببة، ما يعنى القدرة على المنافسة، بعد سنوات طويلة ظلت فيها الشاشة الخليجية وحدها فى الملعب، وإن كان الأمريلزمه بعض الوقت، ليس لقلة الكفاءات؛ فالخبرة لا بد أن تلعب دوراً، والقنوات الأقدم تملك بالضرورة حاسية استشعار أكثر خبرة لرغبات المشاهد وطبيعة المتلقى الذى يختار شاشتها، خاصة وأن هذه القنوات تمتلك كودار تعمل فيها منذ سنين طويلة امتزجت فيها بنوعية العمل التليفزيونى الذى تقدمه كل محطة.
المهم .. تتنافس المحطات المختلفة على تحسين الجودة ، بكل قوتها، والفائز الحقيقى هو المشاهد، والنتائج تظهر تباعاً وإن كانت متسارعة ، وكنموذج واضح على هذا برنامج "بدون رتوش" ، الذى يذاع على شاشة "الحياة" وتقدمه د."هبة قطب" ، فالفكرة المحورية للبرنامج ليست جديدة ، السبق فيها كان لقناة "المحور" ، التى كانت تقدم على شاشتها برنامجها الأسبوعى "كلام كبير" ، الأول من نوعه فى مجال الحديث عن "الثقافة الجنسية" ، وبرغم الهجوم الذى تعرض له البرنامج ، إلا أنه استمر ونجح ، بدليل انتقال صاحبته بفكرتها إلى قناة "الحياة" باسم جديد للبرنامج وبعرض أفضل بالتأكيد . انتقال البرنامج لم يشمل تغيير اسمه فحسب ؛ بل وتطوير مضمونه نحو الأفضل ، حيث أصبح يقدم محاور متعددة ومتكاملة لموضوع الحلقة .
ومثال واضح لهذا ، الحلقة التى تناولت فرق السن بين الزوجين، كان الطرح شديد الموضوعية والجرأة ، لم يبدأ بنتائج مسبقة ، حيث تم تناول المشكلة من كل جوانبها الممكنة هل للفرق فى السن عموماً تأثير؟ إذا كانت المرأة أكبر سناً من الرجل ؟ إذا كان الرجل أكبر سناً من المرأة ؟ ، النتائج المحتملة لم يتم تناولها على المستوى الجنسى وحسب؛ وإنما النفسى، والاجتماعى، الأكثر من هذا فإن "الحالة" التى تم الاستعانة بها كان لإمرأة عربية ، ليعطى هذا للبرنامج بعداً عربياً ولا يطرح القضية باعتبارها تحدث فى مصر وحدها . نضج البرنامج ، وهذه هو تأثير المنافسة على المضمون ، العيب الوحيد الذى لا يزال موجوداً ، هو البعد الدينى الذى تعطيه د."هبة" لحديثها الذى يتناول مسائل علمية، و تجاوز ذلك سيجعل البرنامج علمياً بالدرجة الأولى ـ وهى طبيعته بالأساس.
المنافسة أيضاً تظهر بعض العيوب الصغيرة؛ وإن كان لا يلاحظها سوى المتخصصين، الذين يستطيعون التمييز بين نسب الإتقان المتفاوتة ، فيلحظون الأخطاء الصغيرة، وإن كان الخطأ غير مسموح به على شاشة التليفزيون، من ذلك، السهو الذى وقعت فيه قناة "الجزيرة" حين أذاعت ضمن فقرة "الصحافة الإلكترونية" فى برنامج "هذا الصباح" ، ملخصها العادى عن أهم الأخبار فى تلك الصحافة ، وأشارت إلى استمرار اختفاء "إسراء عبد الفتاح" ناشطة الـFacebook الشهيرة ، فى حين أن إسراء كانت قد أفرج عنها فى الليلة السابقة ، ما يعنى غياب التنسيق فى إعداد البرنامج ، لأن مواقع إلكترونية ..وحتى برامج تليفزيونية كانت قد أذاعت الخبر فى الليلة السابقة . أما قناة "العربية" فاعتبرت فى تقرير لها ـ عن أصداء مناقشة قانون الطفل فى مصرـ أن القانون مخالف للدين ، جاء ذلك فى تعليق صوتى على الخبر، دون توضيح أن هذا هو رأى بعض المعارضين، فبدا وكأنه موقف القناة.
أيضاً من النماذج الدالة على التأثير الإيجابى للمنافسة ، المذيعة "رشا الجمال " التى تشارك فى تقديم برنامج "مساءك سكر زيادة " ، فقد تجاوزت كونها مذيعة جميلة، فى برنامج خفيف، لتصبح الأكثر قدرة وسط زملائها على المحاورة، ويتضح ذلك فى تقديمها للفقرة الأسبوعية، التى تستضيف مؤلفاً شاباً ، له إصدار حديث ؛ لتناقشه فيه ، تقرأ "رشا" الكتاب ( أياً كان رواية، مجموعة قصصية، ديوان شعرى" ، فتتمكن من مناقشته بثقة كبيرة واستيعاب لما تقول،يشعر بذلك الضيف فيبادلها الحديث باهتمام ؛ لاحترامها لإبداعه، ويشعربذلك المشاهد الذى يخرج بجرعة ثقافية محترمة ، الأمر نفسه يتكرر فى الفقرة التى تستضيف شخصية سياسية أوأدبية شهيرة ، حيث تكون "رشا " هى الأكثر تمكناً من أدوات حوارها . وتطوير "رشا " لأدائها ؛ جاء ضمن تطوير البرنامج نفسه لينافس على مستوى آخر ، حيث يريد أن يكون أول برامج المساء اليومية ، التى يطالعها المشاهد ليعرف ماذا يجرى فى الدنيا ؛ مع الاحتفاظ بالسمة الأساسية للبرنامج ، باعتباره برنامجاً موجهاً للشباب فى المقام الأول .

للمنافسة أضرار ومزايا .. فهل تسير الشاشات المصرية فى مضمارها، بثقة توازى ما يحمله الأمر من مخاطرة ؟ هذا ما ستثبته الأيام القادمة .

الخميس، 8 مايو 2008 - 21:29