‏إظهار الرسائل ذات التسميات bbc. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات bbc. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 4 أغسطس 2011

إضراب BBC.. وماسبيرو

فاطمة خير





فاطمة خير
إضراب BBC.. وماسبيرو


«يستمر العاملون فى BBC عربى فى الإضراب عن العمل منذ 30 يوليو وحتى 4 أغسطس بسبب الاعتراض على عدد أيام العمل»، «تعتذر BBC عن أى تغيير فى برامجها نتيجة الإضراب»، هكذا يختتم شريط أخبار الـ BBC عربى أخباره، الشريط الذى أصبح قصيراً بسبب الإضراب، صار يحمل قيمة إعلامية أكبر، فالقناة تنشر بنفسها أخبار إضراب العاملين فيها، وكأنها تقول «بيدى لا بيد عمرو»، بالطبع لأننا فى عصر لم يعد من الممكن فيه إخفاء الأخبار، لكن أيضا هو إرساء لقيم تعلى من أولوية الخبر و«حياديته»، وأيضاً ترسخ لحق العاملين فى الإضراب، دون اتهامات تمس مهنيتهم أو ولاءاتهم. العاملون من جانبهم لم يهددوا بوقف البث، ولا حاولوا احتلال المكاتب إيذاناً بالفوضى، استمرت القناة فى بثها، وتم تحديد وقت الإضراب ببداية ونهاية.

ليست المرة الأولى، التى يعلن فيها عاملون فى الـBBC إضرابهم عن العمل، ولا المرة الأولى التى تعلن فيها المحطة بنفسها خبر الإضراب، وفى كل مرة يرفع العاملون مطالب واضحة، ويحددون وقتاً للإضراب، ويعملون على عدم توقف البث، وفى كل مرة أيضاً تحترم المحطة هذا الحق، فتبقيه فى شريط أخبارها، إذن الاحترام هنا متبادل: الإدارة تحترم حق العاملين فى الإضراب والاعتراض ورفع المطالب، والعاملون يحترمون حق المؤسسة فى استمرار العمل وحق المشاهد فى البث، هى ثقافة تقوم على احترام قيمة العمل بالأساس، وعلى إدراك أن الإعلامى هو مجند لخدمة الخبر والحق فى المعرفة، ما يعنى أنه وهب حياته لهذا، وأن ثمناً كبيراً سيدفعه بسبب حبه لهذه المهنة، ويعنى هذا أن خدمة المهمة الإعلامية هى الهدف الأسمى، مهما كان الثمن.

نحن فى أمس الحاجة لهذه الثقافة، وإذا كنا نعتقد أن ماسبيرو سيظل رأس حربة للإعلام المصرى، كون ملكيته تعود إلى الشعب المصرى، إذا صلح حاله، ستصلح معه صورة مصر فى الإعلام الخاص والعربى والأجنبى، فيجب أن نقول بوضوح إنه على العاملين فى ماسبيرو أيضاً ممارسة حق الاعتراض وفقاً لما لا يضر المواطن الذى يحق له استمرار البث دوماً، ومن جهة أخرى على من يديرون ماسبيرو العظيم الإقرار بحق العاملين فى رفع مطالبهم.. وفى الإضراب.

الخميس، 4 أغسطس 2011 - 08:50

الخميس، 29 أكتوبر 2009

كلهم قالوا نعم



فاطمة خير





فاطمة خير
كلهم قالوا نعم


ما الذى يدفع «لجنة تقصى الحقائق» إلى البحث فى قضية الهجرة غير الشرعية، الجريمة التى يمارسها شباب مصريون فى أنفسهم؟

ما الذى يدفع اللجنة إلى تخصيص حلقة كاملة، لمناقشة قضية تخص الشباب المصريين؟ هل هو الخوف على هذا الشباب ؟، هل هو البحث عن الحقيقة؟ هل هو تعمد فضح عيوب لدى المجتمع المصرى؟ ...إلخ.

الإجابة بكل تأكيد هى : لا
«لجنة تقصى الحقائق» هو برنامج مهم يذاع على شاشة الـ«BBC»، و«الهجرة غير الشرعية» هو الموضوع الذى ناقشه البرنامج فى الأسبوع الماضى بكل موضوعية، واستضاف لأجل ذلك ممثلين لأطراف متعددة على علاقة مفترضة بالموضوع، ولكن أهم من استضاف البرنامج، هم نماذج لشباب حاولوا الهجرة غير الشرعية، روى هؤلاء تجاربهم المريرة، لكنهم جميعاً أكدوا عزمهم على محاولة التجربة حين تحين لهم الفرصة!

لماذا تتذكر الـ»BBC»، الهجرة غير الشرعية، وتنساها المحطات المصرية؟
الإجابة ببساطة: أن القضية لا تزال ملحة وبلا حلول، وأن شباباً لا نعرف عددهم يدفعون حياتهم يومياً، ثمناً لمحاولات حمقاء، لم يجدوا من ينبههم لخطورتها وعبثيتها، بل إن لا أحد يهتم بصدق، بخلق توعية حقيقية حول القضية، ولا أن يستوعب لمَ يفعل المصريون هذا بأنفسهم، لماذا؟: لأن لا أحد يهتم بحل مشكلات الشباب من جذورها، أما برامجنا الغراء، فقد تتذكر الموضوع حين يغرق مركب جديد، ويخلف الحادث حكايات إنسانية تكون جذابة للجمهور، أو ربما يتجدد الجدل حول كون الضحايا هم شهداء أم لا!. وحتى هذا لن تناقشه برامجنا بجدية؛ ستتعرض فقط لما قاله المفتى أو شيخ الأزهر، ولن تناقش جذور البحث عن الشهادة فى الغرق المتعمد!

وهذا هو الفرق بين إعلام يخلق لنفسه دوراً، ويفجر قضايا، ويناقش بموضوعية، وإعلام يبحث عن الإثارة، حتى لو تغلفت بالجدية، والهجرة غير الشرعية، هى مثال فج لمنهج تعامل البرامج المصرية مع أى قضية: لأن وقتاً قد مضى، فلا يتذكرها أحد، خاصة أن قضايا أخرى تتفجر، وكمثال آخر مناسب ؛ فإن مسألة «منع النقاب» هى نموذج لما تجرى عليه الأمور، تحظى المسألة بالاهتمام كله هذه الأيام، لكنه اهتمام لا يتجاوز -فى الغالب- «سد الخانة»، ومعالجة تحفل بالصوت العالى وحسب، وتتبلور فى تقييم «لياقة» الأسلوب الذى استخدمه شيخ الأزهر فى التعامل مع الموضوع، أما مناقشة أسباب ظهور النقاب فى مصر، وانتشاره الواسع مؤخراً، والبحث عن لغة خطاب تتناسب مع المنقبات غير المسيسات ولا تتعالى عليهن؛ فكل هذا بعيد كل البعد عن الشاشة، وكلها أيام ويذهب الموضوع فى غياهب النسيان ليحل محله آخر، يبدؤه برنامج فتتبعه البقية، وتصبح الشاشات متشابهة: الموضوع واحد.. والضيوف أيضاً، أما من يريد الموضوعية، فلينتظر مرور «الموجة/ الهوجة» ثم يحول مؤشر الريموت إلى الـ«BBC»!.

الخميس، 29 أكتوبر 2009 - 18:50

الجمعة، 20 فبراير 2009

ما لم تذعه قناة «الجزيرة»..

فاطمة خير


فاطمة خير
ما لم تذعه قناة «الجزيرة»..


فى فضاءٍ لا يخفى على أحد، لم يكن صعباً أن يشيع لقاء تليفزيونى، بين وزيرة الخارجية الإسرائيلية سابقاً «تسيبى ليفنى» وحاكم قطر. اللقاء أذاعته القناة العاشرة فى التليفزيون الإسرائيلى، لكن السبق «للأسف» غاب عن شاشة «الجزيرة« القناة الخبرية الأولى لدى المشاهد العربى، ولم يمنعه ذلك أن يجد طريقه إلى فضاء الإعلام، عبر شاشة الإنترنت.

اللقاء التليفزيونى يظهر بوضوح استقبالا «حافلا» من الحاكم القطرى لليفنى، الحفاوة تعكس مدى الود المتبادل بين الطرفين، ولأن التسجيل لا يظهر تحديداً متى تم اللقاء ؛ إلا أنه يبدو بوضوح مدى حداثته، ما يعنى أنه تم إما قبل أزمة غزة الأخيرة، أو حينها أو بعدها!

«الحياد» الخبرى، يتطلب بالضرورة إذاعة لقاء مثل هذا، باعتبار أن شاشة «الجزيرة» هى شاشة لنقل الخبر بالأساس، وكان أجدر بها أن تنقل اللقاء باعتباره ليس خبراً وحسب، وإنما خبر شديد الأهمية، فى وقت كانت الأحداث تتجه فيه نحو التأزم فى غزة، فلا الخبر تم التعتيم عليه، ولا أنقذ ذلك ماء وجه «الجزيرة»، التى تعلن دوماً أنها تستهدف الخبر مهما كانت حدته، ومادام طالما يقع فى بلد عربى آخر غير «قطر».. بالطبع هذا ما لا تعلنه.

عندما أعلن العاملون فى الـBBC إضرابهم عن العمل، منذ أكثر من عام، كانت قنوات الـBBC، هى أول من أذاع الخبر، حتى لا يأتى من غريب! كان يمكن للجزيرة أن تفعل ذلك، لأنه لا عذر إعلاميا لديها لعدم فعله، فاللقاء تم على بعد أمتار من مقرها، وشاشات العالم مفتوحة، واللقاء لم يكن سرياً، صحيح أن مكانه يوحى بأن حاكم قطر هو من ذهب لزيارة «ليفنى»، ولم تذهب هى إليه فى مقره الرسمى، وصحيح أن إذاعة الخبر خاصة فى ذلك الوقت الحساس، كان سيثير التساؤلات حول ما إذا كان اللقاء تضمن ترتيبات تخص العدوان على غزة! أو أن اللقاء تم أثناء العدوان وهو أفظع التوقيتات! أو بعده.. فيما أعلنت قطر تجميد علاقاتها مع إسرائيل! وربما أن «تجميد» العلاقات نفسه هو ما أثار التخوفات بشأن فتح باب القيل والقال.. فلما لم يتم الإعلان عن قطعها!.. لكن ذلك كله لا يرفع المسئولية عن شاشة «الجزيرة».

الجمعة، 20 فبراير 2009 - 01:33

الخميس، 13 نوفمبر 2008

أخبار الساعة.. تحدٍ جديد؟

فاطمة خير



فاطمة خير
أخبار الساعة.. تحدٍ جديد؟


دون صخب انطلقت مؤخراً النشرات الإخبارية لقناة «الساعة»، لتصبح وحدها القناة الخاصة التى تنطلق من مصر، وتذيع نشراتها الإخبارية، وهو المشروع الذى استهدفته من قبل قناة «الحياة»، لتنطلق من دونه، مع وعود بتأجيله، إلى بداية العام الحالى، الذى شارف على نهايته، معلناً موت الفكرة.

تذيع قناة «الساعة» ست نشرات إخبارية على مدار اليوم: الثامنة صباحاً، والثانية عشرة ظهرا، والثالثة عصراً، ثم الخامسة، وبعدها فى الثامنة مساءً، وأخيراً فى الواحدة صباحاً، مدة النشرة الواحدة حوالى نصف ساعة، وبرغم كون النشرات الإخبارية، هى أحدث مشروعات القناة،فإنها على ما يبدو ستكون أقربها إلى الاكتمال. وبوضوح شديد تتخذ هذه النشرة الإخبارية الأسلوب المميز لنشرات الـbbc، وهو ما لا يمكن احتسابه ضدها، لأن هذا هو ما فعلته القناتان الأشهر من قبل «الجزيرة»، و»العربية»، حين استعانتا بخبرة القناة الإخبارية الشهيرة لتأسيس منهجيهما فى العمل الإخبارى، وبغض النظر عن الطريق الذى سلكته كل منهما بعد ذلك.

تأثر النشرات الإخبارية فى «الساعة» بمثيلتها فى الـ bbc، فى الجدية شديدة الحياد لمقدمى النشرات، والمظهر المميز الأقرب إلى عالم رجال الأعمال، لن يكون وحده كافياً، لأن تقديم نشرة إخبارية فى محطة تليفزيونية تنطلق من أرض مصرية، لن يكون بالأمر السهل، فأساس الخدمة الإخبارية يقتضى كل ما هو ممكن من معلومات للمشاهد، للحفاظ على المصداقية والاستمرار فى حلبة المنافسة، فهل سيكون هذا متاحاً طوال الوقت؟ الإجابة لن تقدمها سوى مواقف تحسم الأمر على أرض الواقع، وهى لن تتأخر بالتأكيد، لأن مصر ستظل هى الأرض الإخبارية العربية الأكثر خصوبة، وآجلاً أم عاجلا سيقع الصدام، وبناءً على نتائجه، سيتحدد الكثير من آليات بث النشرات الإخبارية الخاصة من مصر.

مشروع تقديم نشرة إخبارية فى قناة «الساعة» انطلق دون مقدمات؛ ما يعكس ثقة فى استمرار المشروع، والواضح أن ترتيبات كثيرة تتم بهذا الشأن، فالنشرات امتلكت بالفعل مراسليها الذين يخصونها برسائلهم الخاصة، حتى فى الأماكن الأكثر صعوبة، كتلك التى قدمت تغطية لسفينة المساعدات التى اتجهت إلى غزة هذا الأسبوع. ما يعنى إنفاقاً وخططاً مدروسة للتوسع فى هذا الإطار.

المؤكد أن طموحاً كبيراً يقف وراء هذه السابقة فى الشاشات الخاصة، والمؤكد أكثر أن هذه النشرات ستحتاج وقتاً طويلاً لتكتسب مذاقاً مميزاً يدفع المشاهد للبحث عنها تحديداً، لأنه إذا كان انفراد القناة الخاصة بنشرة إخبارية هو فى حد ذاته شىء مميز، إلا أنه وحده لن يكون كافياً لجذب المشاهد طوال الوقت؛ هذا إذا كان جذب أنظار المشاهدين هو الهدف.

الأحد، 13 نوفمبر 2008 - 19:12

الخميس، 30 أكتوبر 2008

نقطة حوار.. من الخارج

فاطمة خير



فاطمة خير
نقطة حوار.. من الخارج


هل يفتقد العرب ثقافة الحوار؟ سؤال يفرض نفسه حين المقارنة بين برامج على شاشات عربية، ومثيلتها على أخرى تنطق بالعربية وتحظى بإدارة غربية، ويمكننا اتخاذ برنامج «نقطة حوار» الذى يقدمه سمير فرح كمثال على ذلك.

البرنامج يذاع على شاشة BBC ثلاث مرات أسبوعياً (الاثنين، والأربعاء، والجمعة) ويعاد فى اليوم التالى لإذاعته، وشاشة BBC الناطقة بالعربية بالطبع لها إدارة عربية، لكنها فى النهاية تندرج ضمن باقة بريطانية، وهى التى تحدد لها أسس وقواعد العمل، والإطار العام الذى يحكم آلية صنع البرامج.

«نقطة حوار» طرح فى حلقة الجمعة الماضية، سؤال: هل تخشون تدهور أوضاعكم المالية؟، واضح جداً أن المسألة تتعلق بالأزمة المالية العالمية، وبقدر بساطة السؤال، جاءت إجابات المشاركين فى الحوار من دول عربية متعددة تلقائية بصورة مؤثرة ؛ لتعكس فى النهاية «بانوراما» لما يفكر فيه الإنسان العربى، هكذا.. دون تعقيدات، و«لا لف أو دوران»، ولا صراخ، خمسون دقيقة فقط، عكست رأياً عاماً عربياً دون وسيط.

وبعيداً عن الدرجة العالية من الاحتراف والعصرية التى يتصف بها أداء البرنامج، حيث يستخدم أكثر من وسيط لنقل آراء المشاهدين والمستمعين، حيث يستقبل الاتصالات الهاتفية، والرسائل الإلكترونية، ورسائل الموبايل، ورسائل الفيديو عبر الإنترنت؛ فإن تلقائية مقدمه التى تنعكس من خلال «نبرة» صوته الهادئة والمحرضة فى الوقت نفسه، ومن خلال مظهره غير المتكلف ؛ تدفع بدفة الحوار نحو «الفضفضة» المعبرة عما يجول فى خاطر المتحدث، لا الذهاب فى اتجاه استعراض العضلات الصوتية، من خلال رفع الصوت لأعلى درجة، ولا استخدام نبرة تتسم بالعصبية، وتستفز من يستمع إليها.

«هل تخشون تدهور أوضاعكم المالية؟»، سؤال لم يبذل مقدم البرنامج جهداً كبيراً فى توظيفه لخدمة الحلقة، لأن البساطة وحدها تكون الأقرب إلى قلوب الناس، وإذا أردنا تحريك مشاعر المشاهد بشكل راق دون مبالغة، علينا أن نسلك طريق «السهل الممتنع»، ما يتطلب خيارات «ذكية»، تحتاج مجهوداً فى خلق الفكرة، لكنها ستمهد الطريق أمام إدارة الحوار بطريقة أكثر سلاسة، دون أن يضطر من يديره لأن يحصل من المشاركين على أقصى انفعالاتهم، كل ما يحتاجه هو أصدقها فحسب.

شاشة BBC الناطقة بالعربية، تبدو عربية، لكنها فى الحقيقة ليست كذلك، صحيح أن ولاءها للخبر، لكن من يملك، هو من يحكم المسار فى نهاية الطريق، ولا بد أن قدراً من الغيرة يفرض نفسه، حين نشاهد شأناً عربياً، يقدمه عرب، وفقاً لتوجهات غير عربية.

الخميس، 30 أكتوبر 2008 - 03:23

الخميس، 15 مايو 2008

فضيحة على الهواء



فاطمة خير



فاطمة خير
فضيحة على الهواء



السلطات المصرية منعت فريق الـbbc من الدخول إلى مدينة المحلة، لتغطية ما قد يحدث يوم إضراب 4 مايو، خبر صادم ترأس نشرة أخبار محطة الـbbc التى تتوالى كل ساعة.. فضيحة مجانية لم ينته بثها إلا بانتهاء إرسال يوم 4 مايو. "دول لازم يحاكموا بتهمة الغباء السياسى"، جملة وردت على لسان الراحل "أحمد زكى" فى فيلم "السادات"، وهى تصلح للغاية للتعليق على الموقف نفسه، فمنع فريق المحطة من دخول المحلة، لم يمنع المحطة على الإطلاق من تناول الحدث من زوايا أخرى، كل ما فى الأمر أنه قد تم التعامل مع الموقف بأسلوب يتسم بقصر النظر.

بكل تأكيد لسنا فى عصر تحجب فيه الأخبار، ربما قد يتم تعطيلها لكن لن يتم منعها، فانفتاح السماء الإعلامية صار أكبر من قدرة أى أحد على التعتيم، المؤكد أن التغطية المحترفة التى قامت بها الـ bbc عربى، لأحداث يوم 6 أبريل، والتى كانت الأفضل على الإطلاق، وجاءت كمفاجأة دشنت التواجد الحقيقى للمحطة الذى فاق التوقعات حيال منهجها فى التناول الإخبارى للأحداث فى المنطقة العربية، هذه التغطية التى نقلت على الهواء لحظةً بلحظة ما حدث فى المحلة، جعلت من غير الممكن تزييف الحقائق الموثقة بالصوت والصورة. لكن كل هذا ليس له علاقة بالحدث نفسه، ولا بإمكانية تكراره، كل ما أصابنا هو "عار" منع محطة تليفزيونية من التصوير، برغم ادعاءات الديمقراطية واحترام الحريات.

bbc لم يثنها ذلك عن استمرار تناولها لما يحدث فى مصر، وجاء تعاملها مع أصداء الدعوة لإضراب 4 مايو، فى اليوم التالى مباشرةً، من خلال مقدمة التقرير ـ الذى أعدته ـ فأشارت إلى أن رد الفعل الشعبى يتسم بالسلبية، وأتبعت ذلك بعرض تقرير يبرهن على الفكرة. التقرير تم عرضه من خلال برنامج "نقطة حوار" ، الذى يذاع ثلاث مرات أسبوعياً ويعاد بثه مثلها ، ولم يكن من المتوقع إطلاقاً أن يذاع التقرير من خلال برنامج مثله، لأن هذه النوعية من البرامج لا تعرض تقارير مصورة، لكن لأن البرنامج فى حد ذاته يمثل بداية لنوعية جديدة ، فقد قدم ما هو غير متوقع ، فهو عبارة عن منتدى تفاعلي مباشر، متعدد الوسائط، ويتجه ليصبح المنتدى الرئيسي للنقاش، حيث يحظى بنسبة مشاركة عالية تتضح من خلال "وسائطه المتعددة" ( الإيميل، المكالمات الهاتفية، رسائل المحمول المكتوبة والمصورة، كاميرا الويب كام) خاصةً وأنه يبث لمدة 50دقيقة على كلٍ من شاشة التليفزيون وأثير الإذاعة فى آن واحد، ثم يستمر بثه لمدة 30 دقيقة أخرى على الإذاعة فهل استطاعت السلطات المصرية منع بث البرنامج؟ هل استطاعت منع المصريين المقيمين داخل مصر وخارجها من الاتصال بالبرنامج وإعلان آرائهم من خلال ساحة نقاش مفتوحة ؟ هذا ما يجب الاحتياط له حين التعامل مع قنوات محترفة مثلها.

فهى ستعكس ما تراه أياً كان الوضع بلا حسابات مجاملة، وسيتحدث من خلالها الناس ليعبروا عن آرائهم دون المرور من بوابة الرقابة الحكومية. "لا يوجد فى الإسلام دولة دينية بل مدنية تحترم الحريات" هذا ما قاله "مهدى عاكف" المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، فى لقاء له مع المذيع الشهير "حسن معوض" ضمن برنامج " فى الصميم" على شاشة الـ bbc أيضاً، وهى تصريحات ربما ما كانت لتظهر على شاشة أخرى ، فالقناة المحترفة تحصل على ما تريد من معلومات، وتجرى ما تريد من مقابلات، ولن يضيرها المنع مرة، سيضير من يمنعونها. تماماً كما يحدث مع تركيا التى حجبت موقع الـ bbc ، فكانت النتيجة توالى الخبر فى نشرات أخبار القناة الإخبارية الأكثر شهرة.

ما عكسته الـ bbc حين أظهرت سلبية المصريين الذين "لايشاركون فى الإضرابات ولا الانتخابات، كان أصدق بكثير من الانطباع الذى ستخرج به إذا شاهدت حلقة "اتكلم" التى استضافت "أحمد عز" على الهواء بعد سويعات قليلة من المؤتمر الصحفى الذى تم فيه الإعلان عن زيادات الأسعار، بدت "لاميس الحديدى" متحاملة بشدة على الحكومة التى رفعت الأسعار ، تهاجم "عز" بقوة ، وهو يبرر ويشرح، لكن من يصدق أن حواراً كهذا يمكن أن يدور على الشاشة الرسمية المصرية، الانطباع الحقيقى الذى ستخرج به هو أن تمثيلية تدور وأنت المستهدف منها، حيلة قديمة ومعروفة لتنفيث الغضب الشعبى، فكأن البرنامج استطاع استضافة "عز" بهذه السرعة، وأن الحكومة يتم مهاجمتها فى البرنامج بهذه القوة ! وهو نفسه ما حدث على شاشة "البيت بيتك" يومها مع د. "يوسف بطرس غالى " وزير المالية ، جاء ليبرر ، ليقول كلاماً كثيراً لن يبرد ناراً، وحدها "منى الشاذلى" جادلت "عمر الطاهر" ـ وكيل اللجنة التشريعية فى مجلس الشعب ، حين أخطأ فى حساب القيمة المادية لتكلفة زيادة البنزين على الفرد شهرياً، أخبرته بخطئه وأعادت الحساب أمامه لتظهر له مدى خطئه، وبأن الزيادات لم تتم مناقشتها فى المجلس بالفعل.

الخميس، 15 مايو 2008 - 05:11