‏إظهار الرسائل ذات التسميات لجنة تقصى الحقائق. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات لجنة تقصى الحقائق. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 29 أكتوبر 2009

كلهم قالوا نعم



فاطمة خير





فاطمة خير
كلهم قالوا نعم


ما الذى يدفع «لجنة تقصى الحقائق» إلى البحث فى قضية الهجرة غير الشرعية، الجريمة التى يمارسها شباب مصريون فى أنفسهم؟

ما الذى يدفع اللجنة إلى تخصيص حلقة كاملة، لمناقشة قضية تخص الشباب المصريين؟ هل هو الخوف على هذا الشباب ؟، هل هو البحث عن الحقيقة؟ هل هو تعمد فضح عيوب لدى المجتمع المصرى؟ ...إلخ.

الإجابة بكل تأكيد هى : لا
«لجنة تقصى الحقائق» هو برنامج مهم يذاع على شاشة الـ«BBC»، و«الهجرة غير الشرعية» هو الموضوع الذى ناقشه البرنامج فى الأسبوع الماضى بكل موضوعية، واستضاف لأجل ذلك ممثلين لأطراف متعددة على علاقة مفترضة بالموضوع، ولكن أهم من استضاف البرنامج، هم نماذج لشباب حاولوا الهجرة غير الشرعية، روى هؤلاء تجاربهم المريرة، لكنهم جميعاً أكدوا عزمهم على محاولة التجربة حين تحين لهم الفرصة!

لماذا تتذكر الـ»BBC»، الهجرة غير الشرعية، وتنساها المحطات المصرية؟
الإجابة ببساطة: أن القضية لا تزال ملحة وبلا حلول، وأن شباباً لا نعرف عددهم يدفعون حياتهم يومياً، ثمناً لمحاولات حمقاء، لم يجدوا من ينبههم لخطورتها وعبثيتها، بل إن لا أحد يهتم بصدق، بخلق توعية حقيقية حول القضية، ولا أن يستوعب لمَ يفعل المصريون هذا بأنفسهم، لماذا؟: لأن لا أحد يهتم بحل مشكلات الشباب من جذورها، أما برامجنا الغراء، فقد تتذكر الموضوع حين يغرق مركب جديد، ويخلف الحادث حكايات إنسانية تكون جذابة للجمهور، أو ربما يتجدد الجدل حول كون الضحايا هم شهداء أم لا!. وحتى هذا لن تناقشه برامجنا بجدية؛ ستتعرض فقط لما قاله المفتى أو شيخ الأزهر، ولن تناقش جذور البحث عن الشهادة فى الغرق المتعمد!

وهذا هو الفرق بين إعلام يخلق لنفسه دوراً، ويفجر قضايا، ويناقش بموضوعية، وإعلام يبحث عن الإثارة، حتى لو تغلفت بالجدية، والهجرة غير الشرعية، هى مثال فج لمنهج تعامل البرامج المصرية مع أى قضية: لأن وقتاً قد مضى، فلا يتذكرها أحد، خاصة أن قضايا أخرى تتفجر، وكمثال آخر مناسب ؛ فإن مسألة «منع النقاب» هى نموذج لما تجرى عليه الأمور، تحظى المسألة بالاهتمام كله هذه الأيام، لكنه اهتمام لا يتجاوز -فى الغالب- «سد الخانة»، ومعالجة تحفل بالصوت العالى وحسب، وتتبلور فى تقييم «لياقة» الأسلوب الذى استخدمه شيخ الأزهر فى التعامل مع الموضوع، أما مناقشة أسباب ظهور النقاب فى مصر، وانتشاره الواسع مؤخراً، والبحث عن لغة خطاب تتناسب مع المنقبات غير المسيسات ولا تتعالى عليهن؛ فكل هذا بعيد كل البعد عن الشاشة، وكلها أيام ويذهب الموضوع فى غياهب النسيان ليحل محله آخر، يبدؤه برنامج فتتبعه البقية، وتصبح الشاشات متشابهة: الموضوع واحد.. والضيوف أيضاً، أما من يريد الموضوعية، فلينتظر مرور «الموجة/ الهوجة» ثم يحول مؤشر الريموت إلى الـ«BBC»!.

الخميس، 29 أكتوبر 2009 - 18:50

الأحد، 14 يونيو 2009

النوبة يا ريس..

فاطمة خير



فاطمة خير
النوبة يا ريس..


لم تكن زيارة الرئيس مبارك إلى منطقة النوبة، محض حدث عادى أو منفصل عن السياق الزمنى، ففى العام 2006، زارت لجنة لتقصى الحقائق من مجلس الشورى النوبة، بناءً على مذكرة قدمت فى المجلس عن الأوضاع هناك، حينها كان المرحوم اللواء سمير يوسف هو محافظ أسوان، وخصص وقتها مساحات كبيرة من الأراضى حول البحيرة لمستثمرين وشركات استثمارية، ما أثار أهالى النوبة الذين رأوا أنهم أحق بهذه الأراضى بعد أن تم إعدادها للاستثمار والسكن؛ لأسباب كثيرة تدور حول الحق التاريخى كونهم أبناء المنطقة، وأنهم غادروا أماكنهم كتبعة لبناء السد العالى ومنحوا عوضاً عنها أراضٍ لا تقارن بها من حيث الجودة والقرب من نهر النيل (محور حياة وثقافة النوبيين).

الظلم التاريخى الذى تعرض له النوبيون لم يعد سراً، بعد أن نشطوا فى التعريف بأنفسهم وتاريخهم، ووقائع التهجير التى بدأت منذ أوائل القرن الماضى، ولم يكن ذلك المترتب على بناء السد العالى سوى حلقة أخيرة منها، وقد ساعد هؤلاء فى أن يعرف المصريون عن أهل النوبة أكثر من كونهم مشهداً استعراضياً فى فيلم عربى؛ إلا أن تفاصيل الظلم الذى تعرض له أهل النوبة أكبر بكثير مما يتصوره أحد.

توقيت زيارة الرئيس مبارك، يبدو جداً كونه رسالة للجهات التى تحاول أن تعبث بأمن الجنوب، ولاحتواء غضبة أهلها التى لا يغذيها تاريخ كامل من الظلم والتجاهل والتعالى وحسب؛ وإنما أيضاً جهات تبغى التربح، وأخرى تستهدف التخريب، وثالثة تجد فى الأمر "سبوبة"، فى حين يبقى التراث العظيم لأهل النوبة، وخامتهم الثقافية المختلفة بعيداً عن الاحتواء.

الرئيس مبارك فى زيارته، وفى حواره بعدها مع عبد اللطيف المناوى، تحدث عن النوبة ووعد بالأفضل لها، حديث ينبئ بصدق تحقيق الوعود فى الأيام القادمة، لكن سيدى الرئيس .. تنفيذ كل ما يحلم به أهل النوبة من مطالب ـ هى حق لهم باعتبارهم مواطنين مصريين ـ وكل ما وعدت به أهلها المخلصين، سيكون فى يد جهاز إدارى وتنفيذى، ربما لا يؤمن بحقوق أهل النوبة، وبخطورة عدم تلبية احتياجاتهم، بالدرجة نفسها.

وربما يكون سوء التنفيذ، كما حدث فى عهد اللواء "يوسف"، سبباً فى الانحراف عن الأهداف، وربما يكون عدم استيعاب الطبيعة الخاصة للمنطقة وأهلها وخطورة الموقع الحدودى سبباً فى احتقاناتٍ أكبر.

فمن سيضمن ألا يحدث هذا كما حدث سابقاً؟ كى تظل النوبة لأهلها، وكى تأمن مصر على جنوبها.

الأحد، 14 يونيو 2009 - 18:59