الجمعة، 26 أكتوبر 2012

مسؤولية إعلامية وتنظيم ذاتى للصحفيين أو.. الجحيم






فاطمة خير

مسؤولية إعلامية وتنظيم ذاتى للصحفيين أو.. الجحيم




ليس عوداً على بدء ،أن نتحدث عن "المسئولية الإعلامية" ، ولا عن "التنظيم الذاتى لوسائل الإعلام فى مصر" ؛ ذلك أن أى مهتم بالشأن الإعلامى فى مصر ، من صحفيين أو ملاك لوسائل الإعلام أو حتى القراء والمشاهدين أنفسهم ، يدرك جيداً أن المرحلة الانتقالية التى نعيشها فى مصر الآن ، تنعكس ـــــ ضمن ما تنعكس ــــــــــ على الشأن الصحفى والإعلامى بشكلٍ عام ، انعكاساً تكاد تكون نتائجه مصيرية على مستقبل الصحفيين والإعلاميين .
فى منتصف أكتوبر الجارى ، نظم معهد إيريش بروست للصحافة الدولية    (Erich-Brost-Institut)، والتابع لجامعة دورتموند التقنية   Technische Universitat Dortmund) )   ، وبالتعاون مع نقابة الصحفيين المصريين ، مؤتمراً تحت عنوان "المسئولية الإعلامية فى الفترة الانتقالية " ، تطرقت محاوره للنقاش حول المسئولية الإعلامية والشفافية الإعلامية فى مصر ، سواء فى الإعلام المحلى والإقليمى ، أو المواقع الاجتماعية ، والأهم من ذلك كيفية دعم المسئولية الإعلامية فى مصر ،وتفعيل المجالس الصحفية والإعلامية لأجل ذلك ،  والدور الذى يمكن أن تلعبه صالات تحرير الأخبار فى هذه القضية .
قد يبدو الموضوع نظرياً أكثر مما ينبغى ، لكنه فى الحقيقة عملى وواقعى ، وشديد الإلحاح ، فالإعلام المصرى مستهدف الآن أكثر من أى وقتٍ مضى ، ممن يريدون تشويهه والقضاء عليه ، وبالإضافة إلى ترسانة القوانين المقيدة للحريات والنشر ؛ فإن الأكثر منها ينتظر الصحفيين والإعلاميين ، فى الفترة المقبلة ، بصورة تمثل خطراً حقيقياً على مستقبل الإعلام المصرى ، إن لم يتم الاستعداد له بمزيد من الاحتراف المهنى ، والالتزام الأخلاقى ، والتكاتف ، والوعى بقضايا المهنة ، وبأهمية تطوير أدوات العمل والتشبيك ، والأهم .. أن الإيمان بكل ما سبق ليس ترفاً ، ولا "شغل ناس فاضية".
تعانى المنظومة الصحفية والإعلامية المصرية ، من مناطق خلل كبيرة ، لا تتوقف عند تقييد عملها بمنظومة ملكية تقيد حريتها ، ولا قوانين تعيق النشر ؛ بل أن الأخطر ـــــ من وجهة نظرى ــــ هو العقلية  القديمة السائدة لدى العاملين فى المهنة ، والتى تجعلهم من الأساس غير مهتمين بكل ما يخص التطوير ، ومنه بالطبع البحث عن آليات للتنظيم الذاتى ، بل والبحث عن  معنى التنظيم الذاتى أصلاً ، وجدواه ، وصولاً إلى وضع آليات تضمن تطبيقه بما يناسب الواقع المصرى ومصلحة صحافتنا وإعلامنا .
ويقودنا ذلك إلى إدراك حجم المعضلة التى يواجهها الإعلام المصرى : أن عقلية العاملين فيه تحتاج إلى التطوير ، حتى تتمكن من مجاراة التطور الواقع فى المجال الإعلامى على المستوى العالمى ، مجاراة لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تتحقق ، إلا بالتدريب ، والإيمان بأهمية المجهود الذاتى للإعلامى فى الاطلاع على كل جديد ، وبشكل يكاد يكون يومى ، هذا .. وإلا يصبح الحديث عن إنقاذ المهنة محض خيال ، وبمعنى آخر سيكون مآل المهنة إلى الانقراض هو مسألة وقت لا أكثر !.
ولا يعتقد أحد أن زيادة ضخ الاستثمارات فى مجال الإعلام ، هو دليل على أن إعلامنا يسير فى الاتجاه الصحيح ، هذا غير صحيح بالمرة ، بل أن هذه الاستثمارات يمكن أن تتوقف فى لحظةٍ ما ، إذا لم يكن المردود مناسب للإنفاق ، كما أن وجود وسائل للإعلام لا يعنى بالضرورة أن تكون هذهِ الوسائل "وش خير" على المجتمع والمهنة ، فقد تتسبب فى كوارث حقيقية تدمر المجتمع نفسه ، ولسنا فى حاجة هنا إلى أدلة ، فالنماذج لدينا تتحدث عن نفسها ، أما عن خطورة تكاثر هذهِ الوسائل بلا ضمانات حماية للصحفيين ، فالنتيجة الحتمية هى أن الضحايا سيتساقطون تباعاً وأن كلاً منا سيصيبه الدور يوماً ما .
الحل .. والحل الوحيد لحماية أنفسنا ، وحماية مهنتنا ، فى عالم يموج بالتقلبات ، وفى مجتمع يولد من جديد ، ووسط مصالح تتشكل فى زمن قاسى ، ومهنة صارت لا تعترف بغير المتطورين ، هو أن نفتح نقاشاً حقيقياً يتسم بالجدية ، ويستهدف خلق آليات ذاتية تضمن الالتزام بالمسئولية الإعلامية ، وأن ننظم ذاتنا بأنفسنا ، قبل أن تطيح بنا أمواج لا بد قادمة .. لا تحبنا ولن ترحمنا .
 الجمعة، 26 أكتوبر 2012 - 12:43

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق