الأحد، 31 مارس 2013

فى وداع الصحبة.. وثمن الأحلام

الثلاثاء، 26 مارس 2013 - 16:58

تستحق مصر منا أكثر من ذلك، أرجو أن يكون كل من فرط فى حلمه يوماً، قادراً الآن على استيعاب أنه شارك فى ضياع الوطن بنصيب، فما من حلمٍ نتنازل عنه، إلا ويكون الثمن فادحاً، فمن قال إن الأحلام بلا ثمن ؟! يمنحنا الله القدرة على الحلم، ويمنحنا الكون الفرصة للحلم، وتمنحنا أرواحنا مساحةً منها للحلم، ثم نهدر كل ذلك! من قال إنه لا حلم مهدر بلا ثمن؟
الرخاء حلم، والأمان حلم، والسلام حلم، والوظيفة ذات الراتب الأعلى حلم، والدراسة حلم، والحب حلم، والحياة فى الوطن حلم، وركوب مواصلات تليق بالبشر حلم، والسير فى طرقات آمنة حلم، والخروج بصحبة الأصدقاء حلم، والتنعم بصحبة حبيب للقلب حلم، كل حلم يكمل الآخر، وهكذا تكون الحياة، حياة كل واحد منا، وحيواتنا مجتمعة، بهكذا طريقة نمنح الكون روحه، وهكذا يسرى فيه سر الحياة.
الوطن أيضا هو حصيلة أحلامنا مجتمعة، فما الفرق بين أرض يسكنها بشر، وأرض يستوطنها بشر، الفرق كبير، من يسكن يغير محل سكنه نحو الأفضل، أما الوطن فهو أرض نعمرها بحب، نتحمل أوجاعها، ونحترق بنارها، لكننا إذا افترقنا عنها، نكتوى بما هو أصعب: الغربة.
الوطن هو أرض خصبة لأحلامنا، نستودع الأحلام هذه الأرض التى ولدنا منها، فتبقيها دافئةً وجاهزةً للحياة، كلما احتجنا بعضاً من الفرح وجدناه، وكلما بحثنا عن أمان الاحتضان بلا مقابل وجدناه، وكلما بكينا ارتوت الأرض فأثمرت أكثر، وأشبعت أرواحنا.
تنتفض مصر الآن لأن الأحلام ما لبثت أن اندثرت، بحثت عنها الأرض لتحتفظ بخصوبتها، فما وجدت ما يسد رمقها، جاعت وانتفضت، فما من وطن بلا أحلام، ومصر هى أرض أحلام العالم، مذ كان العالم قادرا على الحلم، الأرض الآن تبحث عمن يحرثها، الأرض جاهزة لبذورٍ جديدة، الأرض تخرج ما لديها من بذور اشتاقت للشمس والهواء، الأرض جاهزة لأن تطرح ثمرها، فأعينوها.. أعينوها.
احلم، ونفذ حلمك، دافع عنه، واعرف أنك مسؤول عن حلمك، وعن وطنك، وعما ستورثه لأبنائك: أرض معدة للسكن وحسب كفندقٍ لا يزوره سوى النزلاء العابرين، أو أرضا تحتويهم بذرياتهم معززين مكرمين مدى الدهر.
فى وداع الصحبة
كأغنيةٍ تتوارد إلى ذهن شاعر، يُوحَى إلى ملحن موسيقاها، ثم تتراقص على أحبال حنجرةٍ، فيسعد الجميع، من صنعوا الأغنية ومن سمعوها، تكون بعض تجارب الحياة: ممتعةً منذ لحظات ولادتها الأولى، وأكثر إمتاعاً طوال حياتها، لكنها تبلغ ذروة الاكتمال فيكتب لها النهاية.

الثلاثاء، 26 مارس 2013

عن اللئام وإهانة النساء فى عهد الإخوان


الثلاثاء، 19 مارس 2013 - 12:31

«إنما النساء شقائق الرجال ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم»، صدقت يا حبيبى يا رسول الله، صدقت يا من يعرف قدر النساء، كما أكرمهن رب العزة، صدقت يا من حملت الإسلام إلينا شفيعاً ونذيراً ورحمةً للعالمين، ما قدروها حق قدرها، ولا عرفوا الرحمة بعدك، ولا ارتضوا سنتك نبراساً.

أخجل أن أقول إن من يحكمون مصر الآن ينتسبون للإسلام، فهم حقاً «لا إخوان ولا مسلمين»، يمكن الحديث عن العنف ضد النساء، باعتباره واقعاً لابد أن يتغير، ويمكن اعتبار احتقار النساء هو أحد علامات انحطاط المجتمع، ويمكن محاربة التحرش الجنسى لأنه سبة فى جبين المصريين، أما ضرب النساء على الوجه، فهو قلة أدب وانعدام تربية وأكثر من هذا لكن لن أقول سأترك التكملة لكم.

أفٍ وألف أف، ألهذا المستوى وصلنا؟!، نحن فى شهر النساء يا سادة، والله العظيم شهر النساء، شهر واحد فى السنة نحتفى بأنفسنا مرة فى يوم المرأة العالمى، وأُخرى فى يوم المرأة المصرية، وثالثة فى عيد الأم، لا أعرف الصدفة فى تجميع كل هذهِ الأيام فى شهر واحد، طب ليه مش كل يوم فى شهر يمكن نفرح 3 مرات فى السنة!، لكنه حظ النساء فى هذهِ البلاد: يخدمن الجميع طوال السنة، ولا يتم الاحتفاء بهن سوى فى شهرٍ واحد، وحتى هذا الشهر تنقلب أعياده إلى «نكد»، ليه يا ربى.. ليه؟!.

أود أن أحكى كثيراً، ربما يرتاح القلب، لكننى عاجزة فالألم أكبر من قدرة الكلام، و«المرار طافح»، فماذا يفعل الكلام فى بلدٍ يضرب فيه الرجالُ النساء؟!، فى بلدٍ تهان فيه النساء بألف طريقة؟، فى بلدٍ لا يخجل فيه رجل أن يرفع يده على امرأة!.

أنا خجلانة حتى الموت، وقرفانة حتى العدم، لست قادرة على استيعاب ما يجرى، هذهِ المساحة كانت لابد أن تخصص لحديثٍ عن عيد الأم، عن أمى وحبى لها، عن طفليا وحبهما لى، عن عبقرية الأمومة، ونعمة وجود النساء على الأرض، كيف لها أن تتحول إلى مساحةٍ من النواح، بسبب النساء اللاتى يضربن فى الشوارع؟!.

رجلٌ يصفع امرأة!، مانشيت ملائم ليوم المرأة المصرية!، لعناوين الصفحة الأولى فى صحف العالم، فى نشرات الأخبار وفى فيديوهات اليوتيوب، لكننى سأرفضه كميراث أقدمه لابنتى، لن أورثها وطناً تهان فيه النساء، لن أعلمها أن تسامح رجالاً يصفعون النساء، لن أخبرها أن مصر وطن لا يليق بها، سأتركه كما يليق بابنتى، امرأةً كاملة الإنسانية، تحيا بكرامة فى مجتمعٍ يحترمها، سأورث ابنتى وطناً يصلح للنساء.. ولو كره «الإخوان».

«سأورث ابنتى وطناً يصلح للنساء».. ولو كره «الإخوان».


أم حاضرة.. وامرأة منسية


الثلاثاء، 12 مارس 2013 - 14:54

تذهب النساء إلى العمل، وتعود النساء من العمل.
ترعى النساء الأطفال، فتكبر الأطفال وتنضج.
تطيع النساء المجتمع، وقد يرضى عنهن أو لا يرضى.
تستقبل النساء الحياة بقائمة مطولة من المحظورات.. دون اختياراتٍ مرفقة.
لكن.. لا أحد يرى النساء!
لا أحد يرى النساء إلا كأجسادٍ تستحق التحرش
لا أحد يرى النساء إلا حين الصعود فوق أجسادهن لاقتناص المكاسب
أو لاستخدامهن كأدواتٍ للمتعة
أو لتوظيفهن كماكينات إنجاب لذكور جدد وخادمات جديدات

والخدعة الكبرى.. حين تساق المرأة للعبودية باسم الأمومة، حين تستغل هذهِ المهمة السامية لإخضاع النساء لمنظومات متنوعة من القهر والاستغلال، تتفق جميعها فى أن المرأة مفعولٌ به لا بد، ولا يحق لها أن تحل كفاعل، برغم كونها فاعلاً أصلياً طوال الوقت!.

لا أحد يعرف النساء: المريضات، العاجزات، الطاعنات فى السن، الفقيرات، الجاهلات، المهجورات، المطلقات، الأرامل، المعيلات، فالكل يفضل الشابات الجميلات، اللاتى لا يزلن فى مقتبل الحياة، لم تفعل فيهن الدنيا فعلها، ولو أن ذلك لا بد حادث، فالمرأة التى تنجو من ظلم مجتمع متخلف هى محظوظة بشدة، وتلك حالة نادرة للغاية.

فى مارس تتوالى الاحتفالات بالنساء: يوم المرأة العالمى، يوم المرأة المصرية، عيد الأم، كلها تحل مع قدوم الربيع، ويا للسخرية، فحاملات الربيع يعشن ما بين خريفٍ وشتاءٍ دائم! الاحتفال ليس أن ننتج البرامج، ولا أن نلحن الأغنيات، الاحتفال هو احتفاء بوجود المرأة فى حياة البشرية، كم رجلا احتفى بزوجته بامتنانٍ حقيقى، امتنان قد يعرف قيمته لو أنه فقدها مبكراً؟، كم ابنا عرف عظمة أن أمه لا تزال على قيد الحياة فظل يفرح بذلك كل يوم؟، كم أخا أدرك أن دوره فى حياة أخته، هو أكبر وأوسع وأعمق، من أن يطاردها قبل أن تخرج ليرى ماذا ترتدى؟ وبصحبة من ستخرج؟ ومن ذا تحادث فى الهاتف؟.

كم رجلا أدرك أن المرأة التى تسير فى الشارع هى إنسان!، إنسان يحيا تماماً مثله!، كم رجلا رأى فى المرأة التى ترأسه فى العمل كفاءة حقيقية، أنها زميل يستحق مكانته، زميل نوعه أنثى، وليست امرأة يقهره وجودها فى مرتبة وظيفية أعلى؟، كم رجلا خطر إلى ذهنه أن السيارة التى تقودها امرأة، هى ملكها لأنها اشترتها من حر مالها، وليست هبةً من رجل، وأن مالها هذا نتاج عملٍ شريف وليس نتيجة كونها عاهرة؟!.

يتشدقون بتقدير الأم وما هم فاعلون، ولو أنهم فعلوا لما رأوا المرأة فى وظيفة «أم» وحسب، لكون ذلك يحافظ على دوران عجلة إنتاج الأسرة!، لرأوها امرأة بكل معنى الكلمة تحمل من الحياة سرها ولا تستحق عبوديتها.