‏إظهار الرسائل ذات التسميات البيت بيتك. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات البيت بيتك. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 15 أكتوبر 2009

حديث العقل والاستخارة..



فاطمة خير



فاطمة خير
حديث العقل والاستخارة..


لم تكن مفاجأة أن يستضيف الإعلامى «محمود سعد» فى حلقته من برنامج «البيت بيتك» يوم الأربعاء الماضى، الشيخ «خالد الجندى»، فهو ضيف أسبوعى كل أربعاء، ولم يكن غريبًا أيضا أن يكون موضوع الفقرة الدينية الأسبوعية هو «حسن الخلق»، فبذكاء تم اختيار الموضوع، لأن الضيف الأساسى للحلقة كان الفنان «نور الشريف»، للحديث حول حادث نشر إحدى الصحف أخبارا ملفقة حول اتهامه بالتورط فى فضيحة أخلاقية مع فنانيين آخرين.

اللافت فى الحلقة، كان الموضوع الذى طرحه «سعد» على «الجندى»، مما جعله يمس قناعة مترسخة لدى ملايين المصريين، وهى «صلاة الاستخارة»، طرح «سعد» السؤال حول الطريقة السليمة لهذه الصلاة، وأسهب «الجندى» فى الحديث حول معنى «الاستخارة» وكيف تؤدى هذه الصلاة، فى النهاية، كان التعمد واضحا فى تحويل دفة الحديث نحو «إعمال العقل»، فلقد دارت الفكرة الرئيسية لشرح «الجندى» حول أن هذه الصلاة هى نوع من أنواع طلب المساعدة من الله، ولكن بعد إعمال العقل واتخاذ القرار المبنى على أسباب عقلانية.

كلام جميل.. لكنه يؤكد أن هناك توجها عاما يجد منفذه عبر البرنامج، للاقتراب من مسلمات أصبحت راسخة لدى المصريين؛ بل والخوض فيها، فليس ببعيد آخر حلقات البرنامج قبل شهر رمضان، والتى ناقشت حجاب الفتيات الصغيرات، وهو موضوع لم يتم الاقتراب منه من قبل أبدا على الشاشة الرسمية، والآن.. تتم مناقشة «صلاة الاستخارة» التى يعتبرها المصريون هذه الأيام بديلاً عن إعمال العقل، وبمعنى آخر وسيلة للهروب من إعماله ومن تحمل مسئولية القرارات التى يتخذونها، على اعتبار أن هذا ما أراده الله لى وهذا ما حدث.

«الجندى» تطرق إلى الموضوع بقوة، استنادا إلى رصيده من شعبية كبيرة لدى المشاهدين، خاصةً أن الفقرة بلا اتصالات هاتفية، فلم يكن هناك مجال للمناقشة مع متصلين ربما يحولون دفة الحديث بانفعال ٍ لا يناسب المنهج الذى تم اختياره لإدارة الفقرة، فهل يعنى هذا أن تشهد الأيام المقبلة الاقتراب من موضوعات أكثر حساسية وإثارة للجدل؟

بقى سؤال ملح هنا:
لماذا يقدم برنامج يومى فى التليفزيون الرسمى فقرة دينية أسبوعية ثابتة، فتكون إسلامية وحسب؟، نحن فى دولة ذات أغلبية مسلمة هذا صحيح، لكن تجربة سابقة قدمها البرنامج نفسه باستضافة رجل دين مسيحى يقدم معلومات عن المسيحية للجميع، كانت ناجحة للغاية، فلماذا لم تستمر ولو مرة شهريا، كطريقة لتقريب وجهات النظر والتعريف بالآخر بين عنصرى الأمة، فإذا كان بوسع أى مسيحى الاطلاع على معلومات تخص المسلمين بسهولة من خلال برامج التليفزيون؛ فلم لا يكون للمسلم الحق نفسه فى الاطلاع عما يريد أن يعرف عن الآخر؟ ولم لا يكون للمسيحيين حق تقديم أنفسهم أيضا؟ ولما لا يبادر «البيت بيتك» بهذه التجربة لتكون الأولى من نوعها؟.

الخميس، 15 أكتوبر 2009 - 22:13

الخميس، 20 أغسطس 2009

بلد الحجاب.. يا مصر





فاطمة خير

فاطمة خير
بلد الحجاب.. يا مصر


ياااه.. أخيراً فكر التليفزيون المصرى، فى أن يكون له موقف ما من مسألة الحجاب!
الأسبوع الماضى، أذاع برنامج «البيت بيتك» فقرة مهمة قدمها الإعلامى «خيرى رمضان»، الفقرة عن الفيلم الوثائقى «بلد الحجاب»، استضافت الفقرة مخرجة الفيلم «فاطمة الزهراء»، ود.«سعاد صالح» أستاذ الفقه المقارن، ود.«أحمد عبدالله» مدرس الطب النفسى.

الفيلم الوثائقى، يتناول انتشار الحجاب فى مصر، بالصورة التى دفعت مخرجته لأن تطلق عليه «بلد الحجاب»، طبعاً البرنامج لم يذع الفيلم كله، أو ينحاز له، لكنه اختار الجزء المتعلق بحجاب الأطفال، حيث اختارت المخرجة أحد المعاهد الأزهرية، ليمثل نموذجاً لتلك الأمكنة التى تفرخ أنصاراً للحجاب لا يعرفون منه سوى شكله، الأطفال الصغار، يرفلون فى ثياب لا تليق بهم: فتيات فى الصفوف الابتدائية الأولى يرتدين الحجاب والنقاب، وصبيان صغار يدافعون عن الحجاب بقوة ويهاجمون «السافرات» ويتهمونهن بالوقيعة بين المسلمين إلى حد الاقتتال!.

أما ذروة المأساة، فكان اللقاء مع مديرة المعهد، التى لم تفلح محاولاتها المتكررة، لتلاوة الآية من سورة «النور» حول الحجاب، حتى عندما جاءتها إحدى تلميذاتها بالمصحف لتقرأ الآية.. جاءت قراءتها ركيكة لا تليق بما تقرؤه!.

الفقرة كانت مفاجأة حقيقية؛ فهى المرة الأولى التى يتعرض فيها التليفزيون المصرى، للقضية الحساسة التى التزم فيها الصمت دائماً (لا يعنى ذلك كونه حيادياً)، ولم يطرحها للنقاش، صحيح أن الفقرة كانت واضحة فى كونها لا تناقش الحجاب، وإنما حجاب الأطفال فى غير سن التمييز؛ لكنها المرة الأولى فى كل الأحوال. الفقرة كانت واضحة فى كونها تعارض هذه الظاهرة التى صارت تنتشر فى المجتمع المصرى؛ وبدا ذلك من عدم استضافة من يدافع عن الفكرة؛ بل مخرجة الفيلم المعارضة لحجاب الأطفال من الأصل، ود.«سعاد» التى اعتبرت أن الحجاب غير وراد فى هذه السن، كما لا يجب إجبار الفتيات عليه وإنما تحبيبهن فيه وإلا ستكون العواقب وخيمة، بالإضافة إلى د.«أحمد» الذى تناول الجانب النفسى للشخصيات التى تجبر على الحجاب منذ الطفولة، وما يسببه ذلك من خلق شخصيات متمردة بلا هدف وضعيفة الشخصية ومشوشة فى تكوينها النفسى.

ولولا أن البرنامج «هو البيت بيتك» لما صدقنا أن هذا هو الموقف الذى صار يتبناه التليفزيون المصرى بالطبع ليست فقرة عابرة فى برنامج توك شو مسائى وحسب.

طوال أكثر من عشرين عاماً، كان التليفزيون المصرى ساحةً متاحة للمدافعين عن الحجاب، ولا صوت يعلو فوق صوتهم؛ لكن حين أصبح الملعب خارجاً عن السيطرة، اهتم «أولو الأمر»، بأن يكون هناك ما يحاول «تحجيم» ما آل إليه الأمر فى الشارع المصرى: نقاب ينتشر بجنون، وحجاب فى سن الطفولة المبكرة.

هل انقلب التليفزيون على نفسه؟ هل هى رؤية جديدة للتعامل مع «الحجاب» خارج كونه من المحرمات على النقاش؟. المسألة لن تكون سهلة هذا إن صدقت النية؛ لكنها محاولة أخيرة لتظل مصر هى بلدنا.. لا بلد الحجاب.

الخميس، 20 أغسطس 2009 - 20:41

الخميس، 14 مايو 2009

التوك شو: توثيق وورود..


فاطمة خير



فاطمة خير
التوك شو: توثيق وورود..


برامج «التوك شو» نقلة إعلامية عربية فيما يخص اتساع مساحة التعبير عن الرأى، لكن وسط زحام الأحداث اليومية، وضغوط تفاصيل الحياة، واشتعال المنافسة، ومع غياب التخطيط، تبدو هذه البرامج أحياناً كأنها تدور فى حلقة مفرغة، وتكاد تتشابه. إلا أنه يبدو أن التميز بين كل برنامج والآخر مؤخراً أصبح يتشكل بوعى، لتناسب أمزجة متنوعة لدى المشاهد.

الأربعاء الماضى، عرض برنامج «90 دقيقة» فيديو لسيارة نقل، تحمل خنازير بدون حاجز خلفى للسيارة، مما تسبب فى سقوط خنازير نافقة، وقام البرنامج بالاتصال بنائب محافظة 6 أكتوبر، الذى قال إن الحاجز قد كسر نتيجة مطب، لكن «ريهام السهلى» أخبرته أن المشهد واضح بأنه لا حاجز خلفيا أساساً، الفيديو الذى عرضه البرنامج، هو توثيق لم يكن من الممكن إنكاره، فقد نقل المشهد كاملاً، ووثق لرقم السيارة (53200 نقل الجيزة) ليهدى ذلك للمسئولين.

هذا دور فاعل للغاية تلعبه هذه البرامج، يطلق عليه «تفاعلى»، وبغض النظر عما إذا كانت كاميرا البرنامج هى التى صورت المشهد، أو أن مواطناً صوره وأرسله، ففى الحالتين يعتبر هذا توكيداً لقدرة برنامج مسائى يومى على التفاعل مع المشاهدين، وتقديمه لخدمات حقيقية لهم، وإقناعهم بأهمية التفاعل معه لأجل الأفضل.

من ناحية أخرى، ولكن فى اتجاه التفاعل نفسه، شهدت إحدى حلقات برنامج «البيت بيتك»، قدمها «محمود سعد»، لفتة إنسانية مؤثرة للغاية، حيث أرسلت إحدى مشاهدات البرنامج باقة ورد إلى العاملين فيه، تنفيذاً لرغبة والدتها التى توفيت منذ أربع سنوات، وكان أن تمنت ذلك وهى تشاهد إحدى حلقات البرنامج، وبرغم أن الحلقات التى يقدمها «سعد» فى البرنامج، تتسم أغلبها بالطابع الإنسانى؛ فإن هذه الفقرة كانت عزفاً مختلفاً على أوتار مشاعر إنسانية إيجابية، بعيداً عن أغلب الفقرات التى تتناول موضوعات موجعة، هى لفتة تخبرنا بأن «التوك شو» يمكن أن يحمل لنا أيضاً بعضاً من الفرح.. ليس «الغم» وحسب.

والفكرة هنا أيضاً، أن المشاهد يمكن أن يصنع علاقة ما مع برنامج يحبه، وأهم هذه البرامج على الإطلاق هى «التوك شو» بعد أن فرض نفسه على أجندة المشاهد اليومية، خاصة إذا ارتبط ذلك بوعى لخطورته لدى صناع البرامج.


الخميس، 14 مايو 2009 - 21:44

الخميس، 9 أبريل 2009

ما بين حامد وسعد..

فاطمة خير


فاطمة خير
ما بين حامد وسعد..


أن تكسب جولة فى النقاش ليس بالأمر السهل؛ إذا كان من يحاورك هو المحنك «محمود سعد»، لكن إن كان الضيف هو السيناريست «وحيد حامد»، هنا يصبح الأمر أكثر تشويقاً.. للمشاهد.

حلقة «البيت بيتك» التى استضاف فيها «سعد» السيناريست الكبير، وكان محور الحديث يدور حول مسلسله القادم عن مؤسس جماعة الإخوان المسلمين «حسن البنا»؛ تناولت أكثر مما كان متوقعاً عن الشأن العام فى مصر، بلغة نقاش راقية، قلما نجدها فى برنامج حوارى هذه الأيام؛ ولكن ما إن تحولت دفة الحديث نحو «البنا» وجماعته، حتى بدأ المؤشر يميل، نحو ما بدا كرغبة لم يتوجها التوفيق فى استفزاز «وحيد حامد»، وتوريطه فى الهجوم على الجماعة، وهو المنحى نفسه، الذى اتخذه التناول الإعلامى للحديث عن المسلسل الذى لم يخرج للنور بعد.

المحاولات المتكررة للضغط على «حامد»، فى سبيل أن يعلن أكثر مما يتحمله موقفه ككاتب للمسلسل، باءت بالفشل، فقد أصر طوال الوقت، وبتركيز شديد على أن يكرر موقفا واضحا ومحددا، باعتباره كاتبا يتحرى الدقة فيما يكتب، ويستهدف الموضوعية، لكنه برغم ذلك يملك رؤية تخصه، ومن حقه أن ينتهجها فى العمل الذى يكتبه.

لم يقع «حامد» أيضاً فى فخ التصريح بما يحمله المسلسل من جديد، غير معروف عادةً عن تاريخ جماعة الإخوان، فحول الدفة لصالحه، حيث أوحى للمشاهد بأن هناك مفاجآت يحملها المسلسل، تستحق أن يخفيها، كى لا يفقد عنصر المفاجأة والتشويق، وربما كى يؤجل الهجوم المتوقع بالتأكيد.

المدهش.. أنه برغم الحديث الممتع والشيق فى حد ذاته، والسجال حول حال الناس فى مصر، والنقاش حول جماعة سياسية هى شديدة التأثير فى الواقع المصرى أمس واليوم، ما يعنى إضافة صحفية حقيقية لحلقة تليفزيونية؛ إلا أن «محمود سعد» ظل مصراً حتى اللحظة الأخيرة، على أن يقتنص من فم «حامد» هجوماً صريحاً على الإخوان، تحمله صفحات الصحف فى اليوم التالى، وكأن كل ما قاله «حامد»، وأعلنه من نقد صريح لمنهجها فى خلط الدين بالسياسة، والأهداف غير المعلنة، وغيرها من مواطن الهجوم غير كاف.
ليس هذا غريباً على إعلام اعتاد تبادل النيران بدلاً من المقارعة بالحجة.. لكنه لا يليق بالأستاذ «سعد».

الخميس، 9 أبريل 2009 - 23:18

الخميس، 26 يونيو 2008

مقتبس من الحياة .. للتليفزيون


فاطمة خير



فاطمة خير
مقتبس من الحياة .. للتليفزيون



"مقتبس من الحياة" جملة توحى بأنك على وشك التألم حيال وقائع حدثت بالفعل؛ إلا أنك ستشاهدها فى سياق فنى. هذا التوقع ستكتشف عدم صحته المطلقة، حين تشاهد إعلاناً تليفزيونياً حديثاً تقدمه إحدى شبكات المحمول .. الإعلان لا يمت بصلة لفكرة التحدث فى التليفون المحمول، أو حتى الأرضى، لكن يبدو أنه يأتى فى سياق حملة تدعو للتفاؤل، ربما تكون أحد أساليب الدعاية الجديدة التى ستنتهجها هذه الشركات، انتقالاً من أسلوب التحريض المباشر على الشراء، إلى خلق حالة من "العشرة" مع المشاهد / العميل. وبغض النظر عن النية وراء الإعلان، إلا أن الفكرة نفسها تستحق التوقف عندها: التحريض على التمسك بالحياة .. ومنح الأمل وربما الفرح.

الإعلان يصور سريعاً، قصة فلاح شاب، انتقل تواً من الريف إلى المدينة، حيث يشعر بالغربة، وتسوقه الأقدار ليساعد سيدة فى رعاية نبتتها، ثم يغادر البناية التى تسكن فيها، بعد أن يكون قد حول كل شرفاتها إلى حدائق صغيرة، حينها .. يكتشف أنه يمكن أن يخلق عالمه الخاص أينما ذهب، لينطلق فى المدينة الكبيرة متوائماً معها. السيناريو انتقل بخفة ما بين الحقل الذى يعمل فيه الفلاح، إلى المدينة، حيث استطاع أن يحقق ذاته أيضاً، ولا يشعر المشاهد بتنافر بين النقيضين: الريف والمدينة .. فكلاهما مصرى جداً.

المهم .. أنك فى النهاية ستحصل على جرعة تفاؤل، وابتسامة لا تتوقعها من إعلان تجارى. حينها أيضاً ستكتشف أنه ليس حقاً "أقسى همومنا تفجر السخرية.. وأحلى ضحكة تتوه فى بحر الدموع"، هذا التعبير الجميل ضمن تيترات رائعة "ليالى الحلمية"، والتى انتهت "روتانا زمان" مؤخراً من عرض أجزائها متتالية.. فأحياناً قد تخرج من تلك الهموم طاقة للفرح، تماماً كما صورها الإعلان الذى اهتم بخوف الفلاح المنتقل حديثاً إلى المدينة من الضياع فى شوارعها، لكن بإرادته استطاع التواؤم مع العالم الجديد.

"أسامة أنور عكاشة" نفسه.. مؤلف "ليالى الحلمية"، لم يكن بتلك القسوة ـ المألوفة عنه مؤخراً ـ حين الحديث عن واقع الحياة فى مصر، بل إنه فى لقائه مع "معتز الدمرداش" فى برنامج "90دقيقة"، كان أقل حدة عما عرف عنه فى حواراته فى الفترة الأخيرة، ربما لأن "الدمرداش" تعمد ألا يكون مستفزاً، وكان سعيداً بفرصة إجراء الحوار مع الضيف المتميز، وربما لأن واقعنا قد بدأ بالفعل طريقاً نحو الأفضل..

هذا الجو العام .. طال أيضاً حوار المطرب "محمد منير"، مع الإعلامى "محمود سعد" فى "البيت بيتك"، فى الأسبوع نفسه، حين أعلنها ـ الأول ـ صراحةً، أنه يرى "تامر حسنى" شاباً صادقاً، لأنه يعبر عن قناعات جيله، حتى لو كان ذلك بالتهرب من الجيش. جرأة "منير" تعكس أكثر من رأيه الشخصى: أن هناك من يرى تغييراً ما فى الواقع ـ أياً كان نوعه ـ ولديه القدرة على استيعاب ذلك، ومن ثم التعامل معه، والأكثر: أن هناك شاشة لديها الرحابة لاستيعاب ذلك. مقتبس من الحياة.. وأكثر، ما صرنا نشاهده على شاشة التليفزيون.

الخميس، 26 يونيو 2008 - 01:35

الأربعاء، 30 أبريل 2008

الحكم بعد المشاهدة (2)


فاطمة خير




فاطمة خير
الحكم بعد المشاهدة (2)


بقدر نعومة فيلمٍٍ عربى قديم، وقدرته على "الكمون" فى الذاكرة، يمكن لعمل على الشاشة أن يؤثر فى المشاهد أطول من مدة عرضه بكثير. هذا ما يدفعنا إلى التفكير طويلاً، والتأمل بعمق فى المواد التى تذيعها الشاشات العربية، بغرض عمل حملات دعائية، أبرزها بكل تأكيد ما يذاع بخصوص الإرهاب فى العراق، وربما أيضاً الحملة التى تحمل عنوان "البركة فى الشباب".

ويحتار المرء حين يحاول التفسير: هل تم إنتاج هذه الأفلام الموجهة بدافع "النية الحسنة"؟ أم أنه هناك ميزانية يجب إنفاقها فى هذا الاتجاه فحسب؟ ليس بعيداً عن الملاحظة أن المواد الفيلمية الخاصة بالإرهاب تتسم بالسذاجة على أقل تقدير، فعلى أى أساس يمكن أن يتوقع شخص ما ـ مهما كان مقدار ذكائه أو مخزونه الثقافى ـ بأن دعايات مناهضة للإرهاب يمكن أن تحاربه؟! أو تواجهه؟ أو تؤثر فى المتورطين فيه ولو بقدرٍ طفيف؟ وإذا لم يكن مرتكبو الأفعال الإرهابية هم المقصودون بهذه الحملات الدعائية ـ هذا على اعتبار أنهم يشاهدون التليفزيون ـ فهل المقصود هم "المجنى عليهم" ـ الجمهور العادى الذى يخشى الإرهاب ويدعو الله أن يقيه شره؟ أحجية غريبة، لكنها مستفزة، أو ربما أن المقصود هو مشاهد يقطن فى بلادٍ لا تعانى الإرهاب والهدف هو أن يتم "حرق دمه" وحسب، أما حملة "البركة بالشباب" فهى تهدف بشكل واضح إلى ترقية سلوك شعب، يموت جراء التفجيرات والاحتلال؛ فتعلمه كيف يعامل الصغير الكبير.

الأقرب إلى أن يتقبله المنطق، هو أن الأمر لا يعدو أن يكون ميزانية مرصودة ويجب إنفاقها، على الأغلب ستكون من برنامج دعم أمريكى، بمعنى آخر "سبوبة". تدرك آلة صناعة الإعلام الغربية، حجم التأثير الهائل للصورة التليفزيونية؛ فتتعامل معها بحذر وحيطة، وأقصى استغلال ممكن، ولا تقل الشاشات العربية فيما تمتلكه من مهارات عن تلك، لكنها لا تحسن توظيفها، من باب "قلة الوعى"، أو"الغباء الإعلامى"، فهذه الشاشات التى طورت سريعاً فى مستوى المادة "المنتجة" عربياً، ورفعت مستوى تلقى المشاهد العربى، هى نفسها التى لا تزال غير قادرة على توظيف الحملات الدعائية بشكل يخدم أهداف هذه الحملات، ويحترم المشاهد، وتكمن المفارقة فى حساسية هذه الشاشات للتطور وفقاً لاحتياجات مشاهديها، وجرأتها فى أحيان، وبين تواضعها على مستوى الحملات الدعائية، فها هى شاشة الـ MBC تبادر بالسماح لمذيعاتها بالظهور على الشاشة وهن فى مرحلة الحمل، بدأ ذلك فى برنامج "كلام نواعم"، على MBC1، وربما كان الأمر أقرب إلى المنطق لأنه برنامج نسائى بالدرجة الأولى، لكن هناك مذيعة أخرى تظهر على شاشة "العربية" التابعة للباقة لنفسها، وتقدم نشرة اقتصادية فى "صباح العربية"، تتحرك فيها أمام الكاميرا مع مؤشرات الأسهم، بكل ثقة، منبعها بالتأكيد تحمس إدارة القناة، وهى جرأة لا تتمتع بها وسائل إعلام غير بصرية.

إلا أن "العربية" أيضاً لا تسمح لنفسها بالنظر فى مضمون الحملة الدعائية ضد الإرهاب، التى تذاع على شاشتها كمادة إعلانية، والتى تستفز أكثر مما تفيد، وتؤلم أكثر مما تؤتى بثمار. أما الشاشة المصرية فحدث ولا حرج، فقبل التحدث عن حملات مواد دعائية موجهة؛ لابد أولاً من حل مشكلة الوجوه التى تبدو باهتة وكأنها مريضة، والغريب أن المذيع نفسه يتغير شكلاً ومضموناً بانتقاله إلى شاشة أخرى غير مصرية، وإذا أردت التأكد بنفسك، ما عليك سوى الضغط على جهاز الريموت كونترول، والتوقف أمام "الفضائية المصرية"، وزميلتها "النيل ـ قناة مصر الإخبارية "، ستشك حينها أن خطباً ما أصاب المذيعين والمذيعات.

وبالعودة لتوظيف الحملات الدعائية، فآخرها على الشاشة المصرية ما يتعلق بمشروع إعادة تأهيل 100 مدرسة، تم إبراز الحملة بفقرة فى برنامج "البيت بيتك"، وعرض فيلم قصير يبين إحدى المدارس التى شملها المشروع قبل إعادة تأهيلها، وبعده، رائع، لكن ليس بالرائع على الإطلاق أن يقوم بدور تلميذ فى المدرسة، طفل لا يمت بالشبه من قريب ولا بعيد للأطفال فى "مدينة النهضة" أو "السلام"، حيث تقع المدرسة التى تم التصوير فيها، لا هو يشبههم، ولا بيته، ولا أهله، وهنا يفقد الفيلم مصداقيته، فإذا كان الهدف منه الدعاية للمشروع فإن بعضاً من التركيز يوضح بأن ثمة تناقضاً بين الهدف والمضمون، وإذا كان أحد الأهداف هو "زرع الأمل" فى نفوس المشاهدين بأن مدارس أبنائهم سوف تتطور بالمنوال نفسه، فإن هذه الفئة من المشاهدين ستحبط؛ حين تشعر بغربة مع الفيلم، وتفتقد الحميمية مع شخوص ممثليه، ناهيك عن أن المشروع الذى قدمته الفقرة، وتم إنتاج الفيلم ضمن التنويه عنه، ليس الوحيد فى مصر، فهناك مناطق أخرى فى القاهرة، يتم فيها تنفيذ الفكرة نفسها، بالتعاون بين جهات حكومية والمجتمع المدنى، وإن كان الأخير يضطلع بالدور الأكبر، لكن لم يتم الإشارة إلى ذلك من قريب أو بعيد.

النية سليمة، والوسيلة خاطئة، تماماً كمصر التى تريد "فواصل" برنامج "البيت بيتك" أن تقدمها جميلة ومهندمة، براقة وسعيدة، لكنها ليست فعلاً شبه أهلها الحقيقيين، تتحول الصورة المأخوذة بعناية، والموسيقى الناعمة، ومن يرتدون أزياء مصريةً تقليدية، إلى حالة مكتملة من الاصطناع؛ فيبعدوننا عن مصر أكثر مما يقربونا منها.

الأربعاء، 30 أبريل 2008 - 22:48