‏إظهار الرسائل ذات التسميات التحرير. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات التحرير. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012

أجسادكن.. دروع الثورة


                                                             فاطمة خير
فاطمة خير
أجسادكن.. دروع الثورة


لأن المرأة شرف الرجل.. عفوا ليس «كل المرأة»، جسدها وحده، هو شرف الرجل من وجهة نظر أغلب الرجال، لذا يعتقد الظالمون دوما أن إهانة الرجل تبدأ من إهانة جسد المرأة.

رؤية قاصرة، لكنها للأسف سائدة، لا فرق بين حاكم وآخر، كلهم يرون أن إهانة امرأة فى الميدان سوف تصيبها بالخوف، وتدفع «رجالها» لحبسها فى البيت، لم لا والنساء وقود الثورات؟! هن دوما فى الصفوف الأمامية، تدفعهن حماستهن لمواجهة المجهول، والارتماء فى قلب الخطر، تلك هى عاطفتهن التى تتم معايرتهن بها، برغم كونها طليعة الجموع إلى الأمام.

ليست صدفة بالطبع أن تعود ظاهرة التحرش بالنساء فى التجمعات المعارضة، السياسة نفسها التى انتهجها السابقون، والتى لم تورثهم سوى الاحتقار، وانتهت بالفشل، هذه المرة يبدو أن المسألة «جس نبض»، فها هى البنات الشابات يعدن ليضئن الميدان بأرواحهن، يثبتن للتاريخ أن المرأة كانت دائما موجودة ولم تزل وستظل، لم تخف الشابات المصريات من ميراث التحرش والسحل فى الشهور الماضية، ولم تخشين غضب أسرهن، وعدن بحضور قوى كالعادة، يصنعن المستقبل ويحجزن مكانهن ومكانتهن فيه، ربما تعلمن الدرس من كل الثورات السابقة، حين كانت النساء يشاركن كتفا بكتف، ثم لا يحصلن إلا على جملة فى بعض الكتب حين التأريخ لمسيرة النساء بأنهن شاركن لكن لم ينلن حقوقهن، فحقوق النساء ليست أولوية فى أزمنة الثورات، ولا أوقات بناء المجتمعات، ولا... إلخ، حقوق المرأة ليست أولوية لدى الرجال مطلقا، تعلمت الشابات المصريات الدرس، أول دروس الحرية: للنساء حقوق لا يجوز تأجيلها لأى سبب كان.

كانت الفتيات تسرن فى منطقة وسط البلد، فى المنطقة المجاورة لكنيسة قصر الدوبارة، حين حاول عدد من الشباب الاعتداء عليهن، لدرجة وصلت إلى محاولة تجريدهن من ملابسهن، يا للحقارة. الفتيات استغثن بمعتصمى «التحرير» الذين نجحوا فى تخليص الفتيات والحمد لله، كن محظوظات بالطبع، فمنذ شهور قليلة، نجح سفلة آخرون فى تجريد فتاتين من ملابسهما، بالقرب من الميدان، ولم ينقذ الفتاتين سوى المتظاهرين الذين خبؤوهما فى مقهى قريب، واشتروا لهما الملابس التى تستر جسديهما.

القصة نفسها تتكرر دوما، فتيات ينزلن إلى الشارع دفاعا عن وطن، لكن ذكورا «ولا أقول رجالا» يسيرون فى الشارع نفسه، لا يرون فيهن سوى أجساد مشاع، يحدث ذلك عن عمد، بقصد إبعاد النساء عن المشاركة، بتخويفهن، أو إرهاب أسرهن، أو عن غير قصد، بتأثير النظرة السائدة الآن عن المرأة، باعتبارها جسدا لا روحا ولا عقلا، جسدا يستحق الانتهاك لمجرد وجوده خارج الجدران، أو ربما لمجرد وجوده فى الحياة أصلا.

والمصيبة.. أن نساء يشاركن فى إحكام الفخ، دون أن يدركن، فحوادث قص شعر الفتيات، ظهرت مؤخرا بشكل متسارع ولافت، وآخرها محاولة حرق وقص شعر الممثلة المسرحية «ميريت ميشيل» أمام دار القضاء العالى، من جانب منتقبات، المحاولة التى كادت تنجح لولا تدخل شابين أنقذا ميريت! ما هذا العبث ؟!

النساء المنتقبات اللاتى يقمن بقص شعر الفتيات هن فى الحقيقة يحاربن أرواحهن ذاتها، فنساء تخلين عن مواجهة العالم بوجوههن فما بالك شعورهن، هن نساء تخلين عن هويتهن بالأساس، واحتقرن نوعهن، ثم انتقلن لمرحلة ممارسة الكره للنساء الأخريات، تلك اللاتى يذكرنهن دوما بأن كونك امرأة ليس عارا، وهو كره أصبح مخيفا ومقلقا، كونه انتقل إلى مرحلة الفعل الانتقامى، وعن نفسى أصدق تلك الروايات تماما، ولا أحتفى بمن يقول إنها من نسج الخيال، فقد رأيت مقدماتها بعينى، حين كانت غير المحجبات يتعرضن لشد الشعر فى عربة السيدات بمترو الأنفاق، وللعنف البدنى كذلك، بل لحرمانهن من الجلوس إذا ما توافرت كراسى شاغرة، وغيرها من الوقائع التى كنت شاهدة عليها.

يا شابات مصر ونساءها.. لو كتب عليكن أن تكن دروع الثورة فلم لا.. كن كما عهدكن الزمن، نساء مقاتلات، ثائرات جسورات، أمهات عظيمات، واهبات الحياة وحاملات لسر البشرية.


الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012 - 15:03

الخميس، 24 نوفمبر 2011

عينا نديم

فاطمة خير






فاطمة خير
عينا نديم


لم تكن تعرف عزة أن عينى ابنها اللتين تُقَبلُهما كل مساء، ستكون هدفًا لقناصٍ أراد أن يمنعها عن نقل الحقيقة، لكنها عرفت أن تربيتها لولدها على حب الوطن، والإخلاص له، والدفاع عنه بشجاعة، لن يضيع هباءً أبدًا.
عندما حرص ياسر على أن يحصل ابنه على قدرٍ جيد من التعليم لم يكن يعرف ماذا يدخر له المستقبل، لكنه عرف أن التعليم الجيد، والثقافة الواسعة، لا يقلان أهمية عن التنشئة على حب الوطن، فكلاهما ضرورى لخلق إنسان يعرف كيف يبنى بلاده.
حين بدأ نديم دراسته للعلوم السياسية فى الجامعة الأمريكية كان يدرك أنها فرصة لا تتاح لكثيرٍ من الشباب، ولا يحظى أغلب من يعرفهم بمثلها ضمانًا لحياة مهنية مبشرة ومريحة، لكن ذلك لم يثنه عن التفكير فى بلاده، ولا الحلم بمستقبلٍ أفضل لجميع أبنائها، لا له وحده، صحيح أنه كان يفكر فى نفسه حين نزل إلى «التحرير»، فقد أراد أن يعيش كريمًا فى بلدٍ حر، لكنه حين واجه الرصاص بصدرٍ أعزل، كان يريد الكرامة للجميع، والحرية لأبناءٍ لم يرهم بعد.
الرصاصة التى أصابت عين نديم غدرًا، أرادت أن تسرق منه النور، والحلم، والإرادة، بلا حق. عيناه الآن بين رحمة الله، تنتظران أملاً فى الشفاء، كغيره كثيرين فقدوا عيونهم.. وأكثرها بلا رجعة، رصاصة لا يساوى ثمنها الكثير، لكنها تسرق ما لا يقدر بثمن، من يتحمل مسؤوليتها؟
نديم.. لن أستطيع الكتابة عن شاشاتٍ لا تستطيع أن تراها الآن، وإلى حين أن يأذن الله، أنت وغيرك من شبابنا الذين فقدوا عيونهم لأجل مصر، مصر هى التى تحتاج لأن تراهم الآن: شباب زى الفل، لا يملكون من عَرَض الدنيا سوى حب بلادهم، بلاد يحبونها حتى الآن من طرفٍ واحد، وإن كان لابد ستبادلهم الحب يومًا ما.
أتصور ألمك يا عزة، وأنا أحتضن ابنى فى المساء، أشكر الله أنه سليم بين يدى، وأتذكر سهرك بجانب نديم تتألمين أكثر مما يشعر، لكن «الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً».
وأنا، للأسف، لا أملك سوى أن أقول: أنا آسفة يا نديم.

الخميس، 24 نوفمبر 2011 - 19:06