‏إظهار الرسائل ذات التسميات الدويقة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الدويقة. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 6 مايو 2009

قصر السلطان.. عالى البنيان؟


فاطمة خير





فاطمة خير
قصر السلطان.. عالى البنيان؟


"قصر السلطان عالى البنيان
حَجَرة بفضة وحَجَرة بمرجان
وأراضى بتاع ألفين فدان
اسمها بستان"

أغنية التتر الرائعة لمسلسل "على الزيبق"، والتى كتبها الشاعر الكبير "عبد الرحمن الأبنودى" للمسلسل الذى أذيع منتصف ثمانينيات القرن الماضى، هى لائقة تماماً حتى بعد مرور 25 عاماً على كتابتها، فالمصريون لا يزالون هم المصريين: بهمومهم وأحزانهم، بخوفهم من الحاضر وفقدانهم الأمل فى المستقبل، بالظلم الذى يتعرضون له.. من الوالى.

"مليان أجراس.. مليان حراس
بقلوب ملهاش شبابيك وبيبان
جدران تولد فى الليل جدران
وده كله واقف على عمدان
أمال إزاى يبقى السلطان؟"

هى نفسها أبواب الوالى: لا تسمع دقات المصريين، ولا تستمع إلى شكواهم.
"قصر الوالى طبعا عالى
مليان حتى لو الكون خالى
بدهب وفاروز.. وكنوز فى كنوز
وإن شبعت بطنه اليد تعوز
وإن عازت يده السرقة تجوز
يضحك نبكى إحنا طوالى
أمال إزاى يبقى الوالى"
لايصدق كثير من العرب الذين لم تسبق لهم زيارة مصر، أن مشهد البشر الذين يعيشون فى القمامة مع خنازيرهم حقيقة.. تماماً كما صعب عليهم أن يصدقوا بأن هناك من يتخذ المقابر مسكناً؛ لما لا وهم يشاهدون إعلانات السكن الفاخر.. الموجود أيضاً فى مصر، الفارق أكبر من أن يبرره عقل، وأى عاقل يصعب عليه ذلك.

"وبيوت الناس.. لا حيطان ولا ساس
ولا ليها لون ولا ليها مقاس
وحيطانها طين.. أصواتها أنين
وغناها حزين"
لم يكن مشهد سكان "الدويقة" المنكوبين بصخرة سقطت عليهم من سماءٍ لم يختاروها، مشهداً استثنائياً، ففقراء مصر أصبحوا مادةً إعلاميةً مثيرة على فضائيات العالم، إن لم تسقط عليهم صخور من سماء، أو تهاجمهم أوبئة فى محال سكن غير آدمية، فلا بد سيخرج منهم كل يوم قاتل، يتصف بملامح درامية.. يؤمن بأن من يتنعمون بثراء بلاده أمام عينيه دمهم حلال.

"وفى وسط الضلمة تهل أنت
ولا نعرف من فين أو إمتى
ترفع بنيان الغلبان
وتطاطى بنيان الوالى
وترَقص قصر السلطان"
عرف المصريون ظلم الوالى منذ أن نشأت الدولة المصرية من آلاف السنين، مروا بفترات انهيار، وعادوا ليقفوا من جديد، يخرج من بين تلال الظلم اليوم فى مصر كل يومٍ قاتل، لكن مصر تظل باقية، تولد من جديد مع آخرين لم يكسرهم الظلم بل تحدوه، لاعدل فى هذا، فليس الجميع سواء، لكنها حكمة الله: هو زمن "لايعرف فيه القاتل من قاتله"، ولا نعرف فى أغلب الجرائم: من الجانى ومن المجنى عليه؟.
"حكموكى ما حكموكى
برضه المصرى مصرى.. والمملوك مملوكى"

وسواء كنا من هذا أو ذاك، المؤكد أننا كلنا ـ سنظل على قلب مصرى واحد ـ نتمنى أن نخبرها:
"إوعى تباتى حزينة.. يا حرة يا زينة
لو ربطوا إيدينا.. بكرة نحرروكى
م السلطان والوالى.. والعهد المملوكى"
كما يقول تتر النهاية..

الأربعاء، 6 مايو 2009 - 15:46

الخميس، 23 أكتوبر 2008

قناة مصر غير الإخبارية


فاطمة خير


فاطمة خير
قناة مصر غير الإخبارية


بعضٌ من الصراحة مع النفس، لا أكثر، هو ما نحتاجه للحكم على شاشتنا الإخبارية الوطنية الوحيدة: «النيل قناة مصر الإخبارية»، لو أنك تمسك فى يدك بجهاز الريموت كونترول، ومررت على شاشتها، فهل ستتوقف عندها؟ الإجابة بكل صراحة هى: لا!

مبدئياً لأن الشاشة التى أنفق عليها الكثير، والتى تعرضت لأكثر من محاولة للتطوير، لم تحظ حتى الآن بـ«وهج» يحملك على التوقف أمامها، ولن نظلمها إذا قلنا بأن الشباب الذى كان يميز الوجوه التى تطل عليها، هو نفسه ينسحب بفعل الزمن، فهل ستكون هذه الشاشة قادرة على تجديد شبابها باستمرار بدماء جديدة؟ ما الذى ستقدمه لهم المحطة فى إطار الامتيازات الوظيفية؟ وفيما يخص الشهرة التى مفترض أن تمنحهم إياها ؛على اعتبار أن الشهرة هى الاسم التجارى للمذيع وهى رأسماله ؟ فليس غريباً إذن أن عدداً من شبابها الواعد غادرها إلى شاشات قادرة على منح فرص المشاهدة الأفضل.

القناة التى من المفترض أن تكون إخبارية، لا تقدم أية خدمة إخبارية على الإطلاق ! والسبب لا يخفى على أحد، فالولاء للخبر، يعنى بالضرورة أكبر مساحة ممكنة من الحرية، برغم أن الحرية المطلقة هى رفاهة لم تتوافر حتى الآن لأية قناة إخبارية عربية، لكن المهارة والاحتراف هى فى التحايل على ذلك بكل السبل، وتجنب الخطوط الحمراء قدر المستطاع، وببساطة باعتبارك مشاهداً فإنك لن تفوت شيئاً إذا لم تتوقف أمام هذه القناة: لا على المستوى العالمى، ولا الإقليمى، ولا حتى المحلى، ستلجأ إليها إذا أردت متابعة حدث مغرق فى المحلية (ككارثة الدويقة مثلاً) يعانى مراسلو القنوات الأخرى فى الحصول على تفاصيله بسبب ما سيتعرضون له من مضايقات، لكنك فى أفضل الأحوال لن تحصل فى هذا الإطار بالذات إلا على ما سيكون أقرب إلى النشرات الرسمية، التى تصدرها المؤسسات الحكومية عن إنجازاتها!

وبرغم الجهد الذى يبذل فى القناة لتكون مميزة، والذى يتضح من بعض إنتاجها، كالبرامج التى تتسم بالطابع الوثائقى مثلاً، وكبعض الفقرات المتميزة، كذلك التقرير الذى تضمنته إحدى نشراتها الاقتصادية، وكان محوره: أين ذهبت الأموال التى خسرها المستثمرون فى البورصة؟ والذى قدم إجابة لسؤال يفرض نفسه بقوة على أى إنسان فى العالم الآن، إلا أن هذا الجهد يضيع فى أخطاء لا تليق، كما الأخطاء المطبعية التى توجد فى الفقرة الخاصة بمقتطفات الصحف، والتى يبدو أن لا أحد يراجعها قبل الظهور على الشاشة! بالإضافة إلى نقطة الضعف التى تتمثل فى الاعتماد الكبير على البرامج والفقرات التحليلية، والتى قد تمثل فى حد ذاتها نقطة قوة لو تم استغلالها بالأسلوب الأمثل، كما يحدث فى قناة «الحرة» التى تتخير ضيوف هذه الفقرات بدقة، فتمنحها قيمة حقيقية، لتصبح إضافة فعلية لثقافة المتفرج، العيب الآخر فى الفقرات التحليلية، هو المساحة الكبيرة التى تحتلها من وقت الشاشة، السبب بالطبع، هو تجاوز النقص الموجود فى الطبيعة الإخبارية.

«النيل للأخبار» كانت واعدة، حصد العاملون فيها العديد من الجوائز، كان حماسهم يقودهم، لكن تغيير اسمها إلى «النيل قناة مصر الإخبارية» ليس كافياً ليمنحهم الحماس من جديد، ولا لإقناع المشاهد بأن تواصله مع القناة سيمنحه أجوبةً لتساؤلاته عما يحدث فى العالم، فلا يمكن لشاشة أن تخدع المشاهد طويلاً!.

الخميس، 23 أكتوبر 2008 - 01:27